فصل: بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ) وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَيْنًا وَمِائَةُ دِرْهَمٍ دَيْنًا عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا غَيْرَ ابْنَيْهِ وَلَا مَالًا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمِائَتَيْنِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ نِصْفُ الْمِائَةِ الْعَيْنُ وَفِي تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَرِيكُ الْوَارِثِ وَحَقُّهُ فِي سَهْمٍ وَحَقُّ الِابْنَيْنِ فِي سَهْمَيْنِ إلَّا أَنَّ الْمَدْيُونَ مُسْتَوْفٍ حَقَّهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَيُطْرَحُ سَهْمٌ لِأَنَّ عَلَيْهِ مِثْلَ حَقِّهِ وَالزِّيَادَةَ وَيَبْقَى فِي الْعَيْنِ حَقُّ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَحَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سَهْمٍ فَلِهَذَا تُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالثَّانِي أَنَّ الدَّيْنَ فِي حُكْمِ التَّاوِي فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِسْمَةِ وَلَكِنْ تُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَثْلَاثًا إلَّا أَنَّ نَصِيبَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ لَا يُسَلَّمُ لَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ لِلْآخَرَيْنِ هَذَا الْقَدْرَ وَزِيَادَةً وَيَسْتَوْفِيَانِ هَذَا الْقَدْرَ قَضَاءً مِمَّا لَهُمَا عَلَيْهِ فَإِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ أَخَذَهُ وَحَقُّهُمَا سَوَاءٌ قَبْلَهُ فَيَقْتَسِمَانِ هَذَا الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَعَلَى الطَّرِيقَيْنِ يُسَلِّمُ لِلْآخَرَيْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ خُمُسَهُ وَتَبَيَّنَ أَنَّ السَّالِمَ لِلْمَدْيُونِ مِمَّا عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا ضَمَمْته إلَى الْعَيْنِ صَارَ الْمَالُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي مِثْلِهَا خَمْسَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ طُرُقِ الْحِسَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا وَلَا نَشْتَغِلُ بِإِعَادَةِ تِلْكَ الطَّرِيقِ هَاهُنَا فَإِنَّ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْوَرَعِ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَسْتَحْسِنُ الِاشْتِغَالَ بِتِلْكَ الطَّرِيقِ وَقَدْ أَشَرْنَا إلَى بَعْضِ ذَلِكَ فِي حِسَابِ الْوَصَايَا.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِرُبْعِ مَالِهِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ الْمِائَةُ الْعَيْنُ أَمَّا عَلَى طَرِيقِ الْأَوَّلِ فَلِأَنَّك تَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ نِصْفَيْنِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ، وَيُضْرَبُ لِلِابْنِ الْآخَرِ فِي الْعَيْنِ بِثَلَاثَةٍ وَالْمُوصَى لَهُ بِسَهْمَيْنِ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ يُسَلَّمُ لَهُ رُبْعُ الْعَيْنِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِنْ الْعَيْنِ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ وَلَكِنْ لَا يُسَلَّمُ لَهُ بَلْ يَسْتَوْفِيَانِ قَضَاءً مِمَّا لَهُمَا قِبَلَهُ وَحَقُّهُمَا قِبَلَهُ أَخْمَاسًا فَيَسْتَوْفِيَانِ هَذَا الْقَدْرَ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا فَفِي الْحَاصِلِ يُسَلِّمُ لِلْمُوصَى خُمُسَا الْعَيْنِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَلِلِابْنِ سِتُّونَ وَيَتَعَيَّنُ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ فَيَكُونُ جُمْلَةُ الْمَالِ مِائَةً وَسِتِّينَ وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي رُبْعِهَا أَرْبَعِينَ إلَى أَنْ يُنْسَبَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ فَيُؤَدِّي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الْآخَرِ أَخْمَاسًا خُمُسَاهُ لِلْمُوصَى لَهُ وَذَلِكَ عَشَرَةٌ فَإِذَا ضَمَّهُ إلَى أَرْبَعِينَ يُسَلَّمُ لَهُ خَمْسُونَ كَمَالُ الرُّبْعِ وَيُسَلَّمُ لِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِخُمُسِ مَالِهِ فَالْمِائَةُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ أَثْلَاثًا لِأَنَّ أَصْلَ الْحِسَابِ مِنْ خَمْسَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ وَهُوَ الْخُمُسُ وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ ثُمَّ يَطْرَحُ نَصِيبَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ فَيَضْرِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِينَ فِي الْعَيْنِ بِسِهَامِ حَقِّهِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِهَذَا وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ خُمُسَ الْعَيْنِ وَذَلِكَ عِشْرُونَ وَلِكُلِّ ابْنٍ نِصْفُ مَا بَقِيَ وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ لِلْمَدْيُونِ نَصِيبَهُ وَلَكِنْ الْآخَرَيْنِ يَأْخُذَانِ ذَلِكَ قَضَاءً مِمَّا لَهُمَا قِبَلَهُ وَحَقُّهُمَا قِبَلَهُ أَثْلَاثًا فَيَقْسِمَانِ هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ بَيْنَهُمَا لِلْمُوصَى لَهُ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٍ إذَا ضَمَّهُ إلَى الْعِشْرِينَ يَكُونُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا وَذَلِكَ ثُلُثُ الْمِائَةِ، وَلِلِابْنِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي خُمُسِ ذَلِكَ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوج مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ أَمْسَكَ الْمَدْيُونُ كَمَالَ حَقِّهِ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ ثَمَانُونَ فَأَدَّى عِشْرِينَ فَاقْتَسَمَهُ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنُ الْآخَرُ أَثْلَاثًا لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ فَإِذَا ضَمَّهُ إلَى مَا كَانَ أَخَذَهُ كَانَتْ الْجُمْلَةُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَذَلِكَ خُمُسُ الْمِائَتَيْنِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَثُلُثِ الدَّيْنِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ فِي التَّخْرِيجِ إلَّا أَنَّ مَا يُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ هَاهُنَا يَكُونُ مُقَدَّمًا فِي التَّنْفِيذِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُوصِي بِالْعَيْنِ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ هُوَ شَرِيكُ الْوَارِثِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ كَانَتْ بِثُلُثِ الْمَالِ مُرْسَلًا، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْفَرْقَ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِرُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّخْرِيجِ إلَّا أَنَّ هَاهُنَا الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ نِصْفَ الْعَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَوْصَى لَهُ بِرُبْعِ الْمَالِ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرُ الرُّبْعِ وَزِيَادَةٌ، وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ مُقَدَّمٌ هَاهُنَا فِي التَّنْفِيذِ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فَجَمِيعُ وَصِيَّتِهِ هَاهُنَا تُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ الْمُتَعَيَّنِ مِنْ الْمَالِ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ بِقَدْرِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا رُبْعُ الْمَالَيْنِ، وَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ هَذَا الْمِقْدَارُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الِابْنَ الْمَدْيُونَ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِمَّا عَلَيْهِ فَإِذَا أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ نِصْفَ الْعَيْنِ وَسَلَّمَ الِابْنَ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ نِصْفَ الْعَيْنِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنَّ حَقَّ الِاثْنَيْنِ فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ خَمْسِينَ تَبَيَّنَ أَنَّ وَصِيَّةَ الْمُوصَى لَهُ مَا جَاوَزَ مِنْ الثُّلُثِ فَلِهَذَا يُعْطِي جَمِيعَ حَقِّهِ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَهُنَاكَ إنَّمَا أَوْصَى لَهُ بِرُبْعِ الْمَالِ فَهُوَ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ يَكُونُ شَرِيكَ الْوَارِثِ بِرُبْعِ الْمَالِ فَلِهَذَا لَا يَنْفُذُ جَمِيعُ وَصِيَّتِهِ مِنْ الْقَدْرِ الْمُتَعَيَّنِ مِنْ الْمَالِ وَاسْتَوْضَحَ هَذَا الْفَرْقُ بِمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ فَأَوْصَى بِرُبْعِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ عَشَرَةٌ أَوْ عِشْرُونَ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُسَلَّمُ لَهُ لِلْمُوصَى لَهُ بِرُبْعِ الدَّيْنِ، وَيَكُونُ حَقُّهُ فِي ذَلِكَ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِرُبْعِ الْمَالِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِخُمُسِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ اسْتَوْفَى الْمُوصَى لَهُ جَمِيعَ حَقِّهِ مِنْ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ دَيْنِهِ مِقْدَارُ حَقِّهِ وَالزِّيَادَةُ، وَحَقُّهُ فِيمَا تَعَيَّنَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَجَمِيعُ وَصِيَّتِهِ دُونَ ثُلُثَيْ مَا تَعَيَّنَ فَلِهَذَا يَأْخُذُ جَمِيعَ حَقِّهِ مِنْ الْمَالِ الْعَيْنِ.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ، وَبِرُبْعِ مَالِهِ لِآخَرَ فَالْقَوْلُ أَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ جَاوَزَتَا الثُّلُثَ فَيُعْزَلُ لِتَنْفِيذِهِمَا ثُلُثُ الْمُتَعَيَّنِ مِنْ الْمَالِ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا نِصْفُ الْعَيْنِ ثُمَّ يُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يَضْرِبُ بِثُلُثِ مَا تَعَيَّنَ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ.
وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ يَضْرِبُ بِمَا تَعَيَّنَ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ فَإِذَا جَعَلْت تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ الْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ، وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَنِصْفٌ بَيْنَهُمَا يَكُونُ حَقُّ صَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ، وَحَقُّ صَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةً فَلِهَذَا قُسِمَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ إلَّا أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يُمْسِكُ الْمَدْيُونُ كَمَالَ حَقِّهِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَيُؤَدِّي ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا فَيَأْخُذُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ نِصْفَهَا، وَيُقْسَمُ نِصْفُهَا بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْقِسْمَةِ الْأُولَى.
وَإِنْ قَسَمْته عَلَى طَرِيقِ السِّهَامِ قُلْت قَدْ انْكَسَرَتْ الْمِائَةُ بِالْأَثْلَاثِ وَالْأَرْبَاعِ فَيَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبْعٌ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ فَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يَضْرِبُ بِالثُّلُثِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ يَضْرِبُ بِثَلَاثَةِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى مَا يُسْلَمُ لَهُمَا بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَخُمُسِهِ كَانَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ لِأَنَّ حَقَّ صَاحِبِ الثُّلُثِ فِي كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَهْمٌ يَكُونُ حَقُّ صَاحِبِ الثُّلُثِ فِي خَمْسِينَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ، وَحَقُّ صَاحِبِ الْخُمُسِ ثَلَاثَةٌ فَلِهَذَا يُقْسَمُ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ، وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ خُمُسٌ فَخُمُسُهُ ثَلَاثَةٌ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَرُبْعِهِ وَخُمْسِهِ كَانَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا عِشْرِينَ مِنْهَا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ لِصَاحِبِ الرُّبْعِ وَاثْنَا عَشَرَ لِصَاحِبِ الْخُمُسِ لِأَنَّ صَاحِبَ الثُّلُثِ يَضْرِبُ بِخَمْسِينَ، وَصَاحِبُ الرُّبْعِ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَحَقُّ صَاحِبِ الْخُمُسِ اثْنَا عَشَرَ سَهْمًا فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ بِسِهَامِ حَقِّهِ، وَعَلَى طَرِيقِ السِّهَامِ يَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُث وَرُبْعٌ وَخُمُسٌ، وَذَلِكَ بِأَنْ نَضْرِبَ ثَلَاثَةً فِي أَرْبَعَةٍ ثُمَّ فِي خَمْسَةٍ فَتَكُونَ سِتِّينَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ رُبْعُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْخُمُسِ خُمُسُهُ اثْنَا عَشَرَ فَإِذَا جَمَعْت بَيْنَ هَذِهِ السِّهَامِ كَانَتْ سَبْعَةً وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَبِخُمُسِ مَالِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ وَخُمُسِ مَالِهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ جَاوَزَتَا الثُّلُثَ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيَّتَيْنِ بِالْعَيْنِ.
وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ مُرْسَلًا فِي أَنَّهُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ لَهُمَا فِي نِصْفِ الْعَيْنِ فَأَمَّا فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هَذَا وَالْأَوَّلُ أَيْضًا سَوَاءٌ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فِي سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ فَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ حَقِّهِ فِيهَا وَزِيَادَةٌ، وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِخُمُسِ الْمَالِ فِي خُمُسِ مَا تَعَيَّنَ، وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا إلَّا أَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى ثُلُثِ الْمُتَعَيِّنِ مِنْ الْمَالِ تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ فِي الزِّيَادَةِ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا فَإِنَّمَا يَضْرِبُ هُوَ بِخُمُسِ الْآخَرِ بِثَلَاثِينَ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ كَمَا فِي الْفَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَالْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ يَضْرِبُ فِيهِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ عَشَرَةٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ فَيَكُونُ حَقُّ صَاحِبِ الْخُمُسِ فِي تِسْعَةِ أَسْهُمٍ، وَحَقِّ صَاحِبِ الثُّلُثِ فِي عِشْرِينَ سَهْمًا فَيُقْسَمُ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا، وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْدَ هَذَا، وَنَصَّ عَلَى الْخِلَافِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِرُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ اقْتَسَمَا نِصْفَ الْعَيْنِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ حَقُّهُ فِي خَمْسِينَ ثُلُثُ الْمُتَعَيَّنِ مِنْ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ حَقّ الْمُوصَى لَهُ بِرُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ مِقْدَارُ حَقِّهِ فِيهِمَا وَزِيَادَةٌ، وَحَقُّهُ فِيهِمَا مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَة فَلِهَذَا ضَرَبَ هُوَ بِخَمْسٍ كَمَا ضَرَبَ صَاحِبُ الثُّلُثِ فَكَانَ قِسْمَةُ نِصْفِ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِرُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ اقْتَسَمَا نِصْفَ الْعَيْنِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ نِصْفُهُ، وَفِيهِ وَفَاءٌ بِوَصِيَّةِ صَاحِبِ الدَّيْنِ، وَزِيَادَةٌ فَهُوَ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ، وَصَاحِبُ ثُلُثِ الْمَالِ يَضْرِبُ بِخَمْسِينَ أَيْضًا ثُلُثَ الْمُتَعَيِّنِ مِنْ الْمَالِ فَكَانَ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَبِخُمُسِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَانَ نِصْفَ الْعَيْنِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا أَتْسَاعًا، لِصَاحِبِ الثُّلُثِ خَمْسَةٌ، وَلِصَاحِبِ الْخُمُسِ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ صَاحِبَ الْخُمْسِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ حَقِّهِ، وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ حَقِّهِ وَزِيَادَةٌ، وَصَاحِبُ الثُّلُثِ يَضْرِبُ بِخَمْسٍ فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ عَشَرَةٍ سَهْمًا كَانَ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ خَمْسَةٌ، وَلِصَاحِبِ الْخُمُسِ أَرْبَعَةٌ فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا أَتْسَاعًا.
وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَبِرُبْعِ مَالِهِ كَانَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا تِسْعَةٌ مِنْهَا لِصَاحِبِ الرُّبْعِ، وَسِتَّةَ عَشَرَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَبْلَ هَذَا، وَأَجَابَ فِيهَا بِجَوَابٍ مُبْهَمٍ فَقَالَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ وَصِيَّتِهِ بِثُلُثِ الْمَالِ، وَبِرُبْعِ الْمَالِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا ذُكِرَ هَاهُنَا أَنَّ مُرَادَهُ هُنَاكَ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا فِي أَنَّ تَنْفِيذَهُمَا مِنْ نِصْفِ الْعَيْنِ خَاصَّةً أَوْ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا فِي التَّخْرِيجِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ خَاصَّةً دُونَ قَوْلِهِمَا ثُمَّ بَيَانُ التَّخْرِيجِ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّ صَاحِبَ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ يَضْرِبُ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَثُلُثِ الدَّيْنِ جَمِيعًا فَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ فَوْقَ ثُلُثٍ وَثُلُثُ الدَّيْنِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَصَاحِبُ رُبْعِ الْمَالِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِسَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفِ رُبْعِ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الْمَالِ فَقَدْ انْكَسَرَ الْعُشْرُ بِالْأَثْلَاثِ وَالْأَرْبَاعِ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ عَشَرَةٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ مَكَانَ حَقِّ صَاحِبِ الرُّبْعِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعِينَ، وَحَقُّ صَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فِي ثَمَانِينَ، وَلَكِنَّ بَيْنهمَا مُوَافَقَةً بِالْخُمْسِ فَيَقْتَصِرُ بِالْخَمْسَةِ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ عَلَى خُمْسِهَا، وَذَلِكَ تِسْعَةٌ، وَمِنْ ثَمَانِينَ عَلَى خُمُسِهَا، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ فَصَاحِبُ الرُّبْعِ يَضْرِبُ بِتِسْعَةٍ، وَصَاحِبُ الثُّلُثِ بِسِتَّةَ عَشَرَ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَصَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِخَمْسِينَ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ جَاوَزَ الثُّلُثَ فَبَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ فِي ذَلِكَ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا، وَصَاحِبُ الرُّبْعِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِسَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفٍ فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ سَهْمًا يَكُونُ حَقُّ صَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ، وَحَقَّ صَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةً فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ.
وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِرُبْعِ مَالِهِ وَبِخُمْسِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ اقْتَسَمَا نِصْفَ الْعَيْنِ عَلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِصَاحِبِ الرُّبْعِ وَسِتَّةَ عَشَرَ لِصَاحِبِ الْخُمْسِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْخُمْسِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَصَاحِبُ رُبْعِ الْمَالِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِسَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفٍ فَيَكُونُ كُلُّ عَشَرَةٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ فَحَقُّ صَاحِبِ الْخُمْسِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَحَقُّ صَاحِبِ الرُّبْعِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلَوْ أَوْصَى مَعَ هَذَا بِثُلُثِ مَالِهِ اقْتَسَمَ أَصْحَابُ الْوَصَايَا نِصْفَ الْعَيْنِ عَلَى أَحَدٍ وَخَمْسِينَ سَهْمًا لِأَنَّ صَاحِبَ الثُّلُثِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِثُلُثِ مَا تَعَيَّنَ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ، وَقَدْ جَعَلْنَا كُلَّ عَشَرَةٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ فَيَصِيرُ حَقُّهُ فِي عِشْرِينَ سَهْمًا إذَا ضَمَمْت ذَلِكَ إلَى أَحَدٍ يَكُونُ أَحَدًا وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِينَ فَيُقْسَمُ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ، وَهُوَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذَا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ عِشْرِينَ، وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلِصَاحِبِ الْخُمُسِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلَكِنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ اقْتَسَمَ أَصْحَابُ الْوَصَايَا نِصْفَ الْعَيْنِ عَلَى سَبْعَةٍ وَخَمْسِينَ سَهْمًا، وَثُلُثَيْ سَهْمٍ لِصَاحِبِ الْخُمُسِ مِنْهُمَا سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِصَاحِبِ الرَّدِّ خَمْسَةَ عَشَرَ وَالْبَاقِي لِصَاحِبِ الثُّلُثِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّ صَاحِبَ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِسِتَّةٍ وَسِتِّينَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ، وَصَاحِبُ الْخُمُسِ بِأَرْبَعِينَ، وَصَاحِبُ رُبْعِ الْمَالِ بِسَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفٍ فَيُجْعَلُ كُلُّ عَشَرَةٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الرُّبْعِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلِصَاحِبِ الْخُمُسِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ وَلِصَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ ثَمَانُونَ فَجُمْلَتُهُ تَكُونُ مِائَةً وَثَلَاثِينَ وَسَبْعِينَ وَفِي الْكِتَابِ اقْتَصَرَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بِالْكَسْرِ بِالْأَثْلَاثِ فَجَعَلَ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ وَخَمْسِينَ وَثُلُثَيْ سَهْمٍ، وَجَعَلَ لِصَاحِبِ الْخُمُسِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَهُوَ ثُلُثُ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهُوَ ثُلُثُ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ، وَهُوَ ثُلُثُ ثَمَانِينَ.
فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالتَّخْرِيجِ عَلَى الْأَصْلَيْنِ الْمَعْرُوفَيْنِ لَهُ أَنَّ فِي الْوَصَايَا فِي الْعَيْنِ تَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ، وَأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ تَبْطُلُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا فَنَقُولُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُونَ وَاجْتَمَعَ فِيهَا ثَلَاثُ وَصَايَا وَصِيَّةٌ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٌ لِصَاحِبِ ثُلُثِ الدَّيْنِ، وَبِعِشْرِينَ لِصَاحِبِ خُمُسِ الدَّيْنِ، وَبِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ لِصَاحِبِ رُبْعِ الْمَالِ فَمَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ إلَى تَمَامِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ لَا مُنَازَعَةَ فِيهِ لِصَاحِبِ الْخُمُسِ وَالرُّبْعِ فَيُسَلِّمُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ ثُمَّ مَا زَادَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ إلَى تَمَامِ عِشْرِينَ لَا مُنَازَعَةَ فِيهِ لِصَاحِبِ الرُّبْعِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِينَ يَدَّعِي ذَلِكَ، وَفِي الْمَالِ سَعَةٌ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَبْعَةً وَنِصْفًا فَإِذًا قَدْ رَجَعْنَا مِنْ الْخَمْسِينَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ، وَثُلُثًا يَبْقَى أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمْ فِيهِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ وَتِسْعُونَ ثُمَّ تَخْرِيجُهُ مِنْ حَيْثُ السِّهَامُ فَذَلِكَ أَيْسَرُ فَنَقُولُ قَدْ انْكَسَرَتْ الْعَشَرَةُ بِالْأَثْلَاثِ وَالْأَرْبَاعِ فَيُجْعَلُ كُلُّ عَشَرَةٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ فَيَصِيرُ الْخَمْسُونَ الدَّيْنُ عَلَى سِتِّينَ سَهْمًا، حَقُّ صَاحِبِ الْخُمُسِ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَحَقُّ صَاحِبِ الرُّبْعِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ تِسْعَةٌ لَا مُنَازَعَةَ فِيهِ لِصَاحِبِ الرُّبْعِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِينَ يَدَّعِيه، وَفِي الْمَالِ سَعَةٌ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تِسْعَةً، وَيَبْقَى هُنَاكَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمْ فِيهِ فَانْكَسَرَ بِالْأَثْلَاثِ فَتَضْرِبُ سِتِّينَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ مِائَةً وَثَمَانِينَ كَانَ مَا أَخَذَ صَاحِبُ الثُّلُثِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ضُرِبَتْ فِي ثَلَاثَةٍ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ، وَمَا أَخَذَ صَاحِبُ الْخُمُسُ تِسْعَةٌ ضَرَبْته فِي ثَلَاثَةٍ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ بَيْنَهُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ فَحَصَلَ لِصَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ مِنْ الدَّيْنِ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ وَلِصَاحِبِ الْخُمُسِ ثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ، وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ الْمِائَةُ الْعَيْنُ تَصِيرُ عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ كُلُّ خَمْسِينَ عَلَى مِائَةٍ وَثَمَانِينَ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَجُمْلَةُ مَالِهِ مِائَتَانِ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ إلَّا أَنَّ ثُلُثَ الْمُتَعَيَّنِ مِنْ الْمَالِ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ وَصِيَّتِهِ يَبْطُلُ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا فَهُوَ إنَّمَا يُضْرَبُ بِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ، وَصَاحِبٌ الْخُمُسِ حَقُّهُ مِنْ الْعَيْنِ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ وَمِنْ الدَّيْنِ ثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ فَيَكُونُ جُمْلَةُ ذَلِكَ مِائَةً وَسِتَّةَ عَشَرَ فَإِذَا جَمَعْت بَيْنَ هَذِهِ السِّهَامِ كَانَتْ الْجُمْلَةُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَأَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا فَيُقْسَمُ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِصَاحِبِ الرُّبْعِ مِائَةٌ وَسِتَّةَ عَشَرَ، وَلِصَاحِبِ الْخُمُسِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبْعِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِرُبْعِ الْعَيْنِ، وَلِآخَرَ بِرُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَانَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ لِأَنَّ صَاحِبَ رُبُعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ يُضْرَبُ بِخَمْسِينَ كَمَالَ حَقِّهِ، وَصَاحِبُ رُبُعِ الْعَيْنِ يُضْرَبُ بِسَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفِ رُبُعِ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الْمَالِ فَيُجْعَلُ كُلُّ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ سَهْمًا فَيَصِيرُ حَقُّهُ فِي ثَلَاثَةٍ، وَحَقُّ الْآخَرِ فِي أَرْبَعَةٍ فَلِهَذَا كَانَ تُضْرَبُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ.
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ، وَبِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَعَلَى قَوْلِهِمَا نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ يَضْرِبُ بِسِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ، وَصَاحِبُ ثُلُثِ الْمَالِ يَضْرِبُ بِخَمْسِينَ فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثًا سَهْمًا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ نِصْفَانِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعَيْنِ لَا يَضْرِبُ بِمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِينَ فَيَسْتَوِي هُوَ بِصَاحِبِ ثُلُثِ الْمَالِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِخُمُسِ مَالِهِ لِرَجُلٍ، وَبِخُمُسِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ لِآخَرَ فَنِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ لِأَنَّ صَاحِبَ خُمُسِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِأَرْبَعِينَ، وَصَاحِبُ خُمُسِ الْمَالِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِثَلَاثِينَ خُمُسِ الْعَيْنِ وَالْمَالِ فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ عَشَرَةٍ سَهْمًا صَارَ حَقُّ أَحَدِهِمَا فِي أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، وَحَقُّ الْآخَرِ فِي ثَلَاثَةٍ فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ الْعَيْنِ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الدَّيْنِ كَانَ نِصْفُ الدَّيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ وَصِيَّةِ صَاحِبِ الدَّيْنِ، وَزِيَادَةٌ فَهُوَ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ، وَهُوَ نِصْفُ الْعَيْنِ كَمَا يَضْرِبُ صَاحِبُ الْعَيْنِ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ فَلِلْمُسَاوَاةِ كَانَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِرُبْعِ الْعَيْنِ لِرَجُلٍ، وَرُبُعِ الدَّيْنِ لِآخَرَ إلَّا أَنَّهَا هُنَا إذَا اقْتَسَمَا نِصْفَ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَقَدْ وَصَلَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالُ حَقِّهِ فَمَا يَخْرُجُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِلِابْنِ خَاصَّةً، وَفِي الْأَوَّلِ مَا وَصَلَ إلَيْهِمَا كَمَالُ حَقِّهِمَا فَإِذَا خَرَجَ الدَّيْنُ أَمْسَكَ الْمَدْيُونُ كَمَالَ حَقِّهِ، وَأَدَّى الْفَضْلَ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَكَانَ نِصْفُ ذَلِكَ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَنِصْفُهُ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ نِصْفَانِ.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِخُمُسِ الْعَيْنِ لِرَجُلٍ، وَبِخُمُسِ الدَّيْنِ لِآخَرَ أَخَذَ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِمَا بِقَدْرٍ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لِأَنَّ وَصِيَّتَهُمَا دُونَ نِصْفِ الْعَيْنِ فَإِنَّ وَصِيَّتَهُمَا بِقَدْرِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَنِصْفُ الْعَيْنِ خَمْسُونَ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالَ حَقِّهِ يَبْقَى مِنْ الْعَيْنِ سِتُّونَ فَهِيَ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَقَدْ سَلَّمَ لِلْمَدْيُونِ مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يُمْسِكُ الْمَدْيُونُ كَمَالَ حَقِّهِ، وَذَلِكَ ثَمَانُونَ، وَيُؤَدِّي إلَى أَخِيهِ عِشْرِينَ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ الْعَيْنِ لِرَجُلٍ، وَبِرُبْعِ الدَّيْنِ لِآخَرَ كَانَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ لِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْآخَرِ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُمَا فَوْقَ نِصْفِ الْعَيْنِ هَاهُنَا فَإِنَّمَا يَقُولُ نِصْفُ الْعَيْنِ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّتَيْنِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ ثُلُثُ الْمُتَعَيِّنِ مِنْ الْمَالِ ثُمَّ يَضْرِبُ فِيهِ صَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ، وَصَاحِبُ رُبْعِ الدَّيْنِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِذَا جَعَلْت تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ سَهْمًا يَكُونُ لِهَذَا ثَلَاثَةٌ، وَلِلْآخَرِ أَرْبَعَةٌ، وَمَا خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ أَخَذَ نِصْفَهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَا وَصِيَّتَهُمَا ثُمَّ مَا يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ وَصِيَّتِهِمَا ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ فَإِذَا خَرَجَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، وَأَخَذَا نِصْفَهُ فَاقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ فَقَدْ اسْتَوْفَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالَ وَصِيَّتِهِ فَمَا يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ، وَبِثُلُثِ الْعَيْنِ لِآخَرَ، وَبِرُبْعِ الدَّيْنِ لِآخَرَ كَانَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِأَنَّ صَاحِبَ ثُلُثِ الْمَالِ يَضْرِبُ بِخَمْسِينَ ثُلُثِ الْمُتَعَيِّنِ مِنْ الْمَالِ، وَصَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ يَضْرِبُ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ، وَصَاحِبُ رُبْعِ الدَّيْنِ يَضْرِبُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ ثَمَانِيَةٍ وَثُلُثٍ سَهْمًا يَصِيرُ حَقُّ صَاحِبِ ثُلُثِ الْمَالِ سِتَّةَ أَسْهُمٍ، وَحَقُّ صَاحِبِ رُبْعِ الدَّيْنِ ثَلَاثَةٌ فَلِهَذَا قُسِّمَ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ مَكَانَ وَصِيَّتِهِ بِثُلُثِ الْمَالِ مُرْسَلًا فَنِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ صَاحِبَ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ يَضْرِبُ بِسِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ ثَمَانِيَةٍ وَثُلُثٍ سَهْمًا يَكُونُ حَقُّهُ فِي ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ فَلِهَذَا كَانَتْ قِسْمَتُهُ الْعَيْنَ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِصَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ ثَمَانِيَةٌ، وَلِصَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ أَرْبَعَةٌ، وَلِصَاحِبِ رُبُعِ الدَّيْنِ ثَلَاثَةٌ فَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْأَصْلَيْنِ الْمَعْرُوفَيْنِ لَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَوَجْهُ التَّخْرِيجِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُونَ، وَفِيهِ وَصِيَّتَانِ لِصَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ، وَلِصَاحِبِ رُبْعِ الدَّيْنِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بِمِقْدَارِ ثَمَانِيَةٍ وَثُلُثٍ تَفَاوَتَ مَا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ يُسْلَمُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ بِلَا مُنَازَعَةٍ يَبْقَى أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثَانِ، وَقَدْ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِيهِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِشْرُونَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسٍ فَكَانَ لِصَاحِبِ رُبْعِ الدَّيْنِ عِشْرُونَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسٍ، وَلِلْآخَرِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَسُدُسٌ قَبْلَهُ مِنْ الْعَيْنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَيَكُونُ جُمْلَةُ حَقِّهِ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعَةَ أَسْدَاسٍ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ أَرْبَعَةٍ وَسُدُسٍ سَهْمًا فَيَكُونُ حَقُّ صَاحِبِ رُبْعِ الدَّيْنِ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ، وَحَقُّ صَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ فَكَانَ حَقُّ صَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعَةَ أَتْسَاعٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَضْرِبُ بِمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِينَ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ تَبْطُلُ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا فَإِنَّمَا يَضْرِبُ هُوَ بِخَمْسِينَ فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ أَرْبَعَةٍ وَسُدُسٍ سَهْمًا يَكُونُ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا فَهُوَ يَضْرِبُ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَصَاحِبُ ثُلُثِ الدَّيْنِ بِثَمَانِيَةٍ، وَصَاحِبُ رُبْعِ الدَّيْنِ بِخَمْسَةٍ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَهْمًا فَيُقْسَمُ نِصْفُ سَهْمٍ عَلَى ذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَيْنًا، وَمِائَتَا دِرْهَمٍ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبْعِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الْعَيْنِ، وَلِآخَرَ بِخُمُسِ الدَّيْنِ فَنِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا عَلَى مِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّ صَاحِبَ رُبْعِ الْمَالِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِسَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفٍ وَصَاحِبُ ثُلُثِ الدَّيْنِ يَضْرِبُ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ وَصَاحِبُ خُمُسِ الدَّيْنِ يَضْرِبُ بِأَرْبَعِينَ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُونَ، وَذَلِكَ فَوْقَ حَقِّهِ فَقَدْ انْكَسَرَ عَلَى عَشَرَةٍ بِالْأَثْلَاثِ وَالْأَرْبَاعِ فَيُحْمَلُ كُلُّ عَشَرَةٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ فَكَانَ حَقُّ صَاحِبِ خُمُسِ الدَّيْنِ فِي ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَحَقُّ صَاحِبِ رُبْعِ الْمَالِ فِي خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَحَقُّ صَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ فِي أَرْبَعِينَ فَإِذَا جَمَعْت بَيْنَ هَذِهِ السِّهَامِ كَانَتْ الْجُمْلَةُ مِائَةً وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ سَهْمًا فَلِهَذَا قُسِّمَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَنِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا عَلَى مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ مِمَّا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ وَصِيَّتَانِ وَصِيَّةٌ بِأَرْبَعِينَ مِنْهَا لِصَاحِبِ الْخُمُسِ وَبِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ لِصَاحِبِ رُبُعِ الْمَالِ فَقَدْرُ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَنِصْفٍ خَرَجَ عَنْ مُنَازَعَةِ صَاحِبِ الرُّبْعِ فَيُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الْخُمُسِ يَبْقَى اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَنِصْفٌ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِيهِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ عَشْرٌ وَرُبْعٌ فَقَدْ انْكَسَرَ الدِّرْهَمُ بِالْأَرْبَاعِ، وَلِصَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ مِنْ الْعَيْنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَلِصَاحِبِ رُبْعِ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَجُمْلَةُ مَا أَصَابَ الرُّبْعُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَرُبْع، وَلِصَاحِبِ الْخُمُسِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَقَدْ انْكَسَرَ بِالْأَثْلَاثِ وَالْأَرْبَاع فَالسَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ دِرْهَمٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا فَيَصِيرُ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ سِتُّمِائَةٍ وَالْمِائَةُ الْعَيْنِ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ، وَلَكِنَّك تَجْعَلُ الْمُوَافَقَةَ بَيْنَهُمَا بِالْخُمُسِ فَاخْتُصِرَ مِنْ سِتِّمِائَةٍ عَلَى خُمُسِهَا، وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْمِائَةُ الْعَيْنِ عَلَى مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ نَعُودُ إلَى الْأَصْلِ فَنَقُولُ حَقُّ صَاحِبِ خُمُسِ الدَّيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ وَتِسْعِينَ، وَحَقُّ صَاحِبِ الرُّبْعِ فِي ثَلَاثِينَ مِقْدَارَ سِتَّةٍ وَسِتِّينَ تُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الْخُمُسِ بِلَا مُنَازَعَةٍ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِيهِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَحَصَلَ لِصَاحِبِ رُبْعِ الْمَالِ مِنْ الدَّيْنِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِصَاحِبِ خُمُسِ الدَّيْنِ مَرَّةً سِتَّةٌ وَسِتُّونَ، وَمَرَّةً سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ، وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ مِنْ الْمِائَةِ الْعَيْنِ سِتُّونَ سَهْمًا.
فَإِذَا ضَمَمْت إلَيْهِ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ يَكُونُ سَبْعَةً وَثَمَانِينَ لِصَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ ثَمَانُونَ ثُلُثٌ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَإِذَا جَمَعْت بَيْنَ هَذِهِ السِّهَامِ كَانَتْ الْجُمْلَةُ مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ، وَإِنَّ ثَلَاثَةً وَتِسْعِينَ مَعَ سَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ يَكُونُ مِائَةً وَثَمَانِينَ إذَا ضَمَمْت إلَى ذَلِكَ ثَمَانِينَ يَكُونُ مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ، وَكَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَى بِرُبْعِ مَالِهِ، وَلَكِنَّهُ أَوْصَى بِرُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَانَ نِصْفُ الْعَيْنِ عَلَى تِسْعَةٍ وَثَمَانِينَ سَهْمًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّ صَاحِبَ خُمُسِ الدَّيْنِ يَضْرِبُ بِأَرْبَعِينَ وَصَاحِبَ رُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ الرُّبْعِ فَهُوَ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ فِيهَا، وَصَاحِبُ الْعَيْنِ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ فَتُجْعَلُ كُلُّ عَشَرَةٍ عَلَى سِتَّةٍ لِأَنَّهُ انْكَسَرَ كُلُّ عَشَرَةٍ بِالْأَثْلَاثِ وَالْأَنْصَافِ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ سِتَّةً.
وَإِذَا صَارَ كُلُّ عَشَرَةٍ عَلَى سِتَّةٍ فَسِهَامُ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ ثَلَاثُونَ، وَسِهَامُ الْمِائَةِ الْعَيْنِ سِتُّونَ ثُمَّ صَاحِبُ خُمُسِ الدَّيْنِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ، وَصَاحِبُ رُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ ثَلَاثُونَ بِسِهَامِ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ سِهَامَ رُبْعِ الْمِائَةِ الْعَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ إذَا ضَمَمْته إلَى خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَكُونُ تِسْعَةً وَسِتِّينَ، وَصَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ يَضْرِبُ بِعِشْرِينَ سِهَامَ ثُلُثِ الْعَيْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تِسْعَةً وَثَمَانِينَ فَلِهَذَا كَانَتْ قِسْمَةُ نِصْفِ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى تِسْعَةٍ وَثَمَانِينَ سَهْمًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ يَقُولُ إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّهُ مَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْأَصْلَيْنِ اللَّذَيْنِ بَيَّنَّاهُمَا لَهُ فَنَقُولُ اجْتَمَعَ فِيمَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ وَصِيَّتَانِ لِصَاحِبِ الْخُمُسِ بِأَرْبَعِينَ، وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ بِخَمْسِينَ إلَّا أَنَّ الْقِسْمَةَ عِنْدَهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ فَالْعَشَرَةُ تُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الرُّبْعِ بِلَا مُنَازَعَةٍ، وَنِصْفُ الْبَاقِي بِالْمُنَازَعَةِ لَهُ ثَلَاثُونَ، وَلِصَاحِبِ الْخُمُسِ عِشْرُونَ، وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ مِنْ الْعَيْنِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَيَجْتَمِعُ لَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ إلَّا أَنَّ فِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِينَ تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا فَإِنَّمَا يَضْرِبُ هُوَ بِخَمْسِينَ، وَصَاحِبُ الْخُمُسِ بِعِشْرِينَ، وَصَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ فَيُجْعَلُ كُلُّ عَشَرَةٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِانْكِسَارِ الْعَشَرَةِ بِالْأَثْلَاثِ فَيَكُونُ حَقُّ صَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ عَشَرَةً، وَحَقُّ صَاحِبِ رُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ فِي خَمْسِينَ، وَقَدْ جَعَلْنَا كُلَّ عَشَرَةٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَحَقُّ صَاحِبِ رُبْعِ الدَّيْنِ كَانَ فِي عِشْرِينَ فَيَكُونُ سِتَّةً فَإِذَا جَمَعْت بَيْنَ هَذِهِ السِّهَامِ كَانَ أَحَدًا وَثَلَاثِينَ سَهْمًا فَيُقْسَمُ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِهَذَا.
وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مِائَتَا دِرْهَمٍ عَيْنًا وَمِائَةٌ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنًا فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِرُبْعِ الدَّيْنِ، وَلِآخَرَ بِخُمُسِ الْعَيْنِ فَالْمَالُ كُلُّهُ عَيْنٌ لِأَنَّ نِصْفَ الْعَيْنِ مَحَلٌّ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ، وَنِصْفُهُ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَيُسَلَّمُ لِلْمَدْيُونِ مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ قَدْ تَعَيَّنَ كُلُّهُ فَيَعُولُ لِمِائَةِ، وَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ لِتَنْفِيذِ الْوَصَايَا فَيَضْرِبُ فِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِرُبْعِ الدَّيْنِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْمُوصَى لَهُ بِخُمُسِ الْعَيْنِ بِأَرْبَعِينَ وَالْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ بِمِائَةٍ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ عَشَرَةٍ عَلَى سَهْمَيْنِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ عِشْرُونَ، وَلِصَاحِبِ رُبْعِ الدَّيْنِ خَمْسَةٌ، وَلِصَاحِبِ خُمُسِ الْعَيْنِ ثَمَانِيَةٌ فَإِذَا جَمَعْت بَيْنَ هَذِهِ السِّهَامِ كَانَ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ فَيَكُونُ جُمْلَةُ الْمَالِ بَيْنَهُمْ عَلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ سَهْمًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَيْنًا، وَمِائَةٌ عَلَى امْرَأَتِهِ دَيْنًا ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ وَابْنَهُ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَالْمِائَةُ الْعَيْنِ بَيْنَ الِابْنِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا فَالسَّبِيلُ فِي هَذَا أَنْ يُصَحِّحَ الْفَرِيضَةَ فَيُخْرِجَهَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ سَهْمٌ، وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ ثُمَّ يَزِيدُ الْمُوصَى لَهُ مِثْلَ نِصْفِ الْفَرِيضَةِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِثُلُثِ الْمَالِ، وَبِكُلِّ عَدَدٍ رَدَّتْ عَلَيْهِ مِثْلَ نِصْفِهِ تَكُونُ الزِّيَادَةُ ثُلُثَ الْجُمْلَةِ فَإِذَا زِدْت أَرْبَعَةً عَلَى ثَمَانِيَةٍ صَارَ اثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا مُسْتَوْفِيَةٌ لِحَقِّهَا بِمَا عَلَيْهَا فَيَضْرِبُ الِابْنُ فِي الْعَيْنِ بِسَبْعَةٍ وَالْمُوصَى لَهُ بِأَرْبَعَةٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ.
وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِرُبْعِ مَالِهِ كَانَتْ الْمِائَةُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْمُوصَى لَهُ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلِابْنِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لَا بَلْ يَزِيدُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ مِثْلُ ثُلُثِهِ، وَلَيْسَ لَهُ ثُلُثٌ صَحِيحٌ فَاضْرِبْ ثَمَانِيَةً فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ يَزِيدُ عَلَيْهِ مِثْلَ ثُلُثِهِ ثَمَانِيَةً فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يُطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَيَضْرِبُ الِابْنُ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَالْمُوصَى لَهُ بِثَمَانِيَةٍ.
وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِخُمْسِ مَالِهِ فَالْمِائَةُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّك تَزِيدُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ مِثْلُ رُبْعِهَا، وَذَلِكَ سَهْمَانِ ثُمَّ تَطْرَحُ نَصِيبَ الْمَرْأَةِ سَهْمًا يَبْقَى تِسْعَةٌ تُقْسَمُ الْعَيْنُ عَلَى ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ، وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الِابْنِ أَخٌ لِأَبٍ، وَأُمٍّ، وَقَدْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَالْعَيْنُ بَيْنَ الْأَخِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ عَلَى خَمْسَةٍ لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَتَزِيدُ عَلَيْهِ لِلْمُوصَى لَهُ مِثْلُ نِصْفِهِ سَهْمَيْنِ فَيَكُونُ سِتَّةً ثُمَّ يَطْرَحُ نَصِيبَ الْمَرْأَةِ فَيَبْقَى حَقُّ الِابْنِ فِي ثَلَاثَةٍ، وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِي سَهْمَيْنِ فَعَلَى ذَلِكَ تُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا.
وَلَوْ تَرَكَ مِائَةً عَيْنًا، وَمِائَةً عَلَى امْرَأَتِهِ دَيْنًا وَمِائَةً عَلَى ابْنِهِ دَيْنًا، وَتَرَكَ مَعَ ذَلِكَ بِنْتًا، وَقَدْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَالْمِائَة الْعَيْنُ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَالْقِسْمَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلِابْنَةِ سَبْعَةٌ فَيُزَادُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِثْلُ نِصْفِهِ اثْنَا عَشَرَ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الِابْنِ وَالْمَرْأَةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَوْفٍ حَقَّهُ مِمَّا عَلَيْهِ.
وَإِنَّمَا تُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِابْنَةِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ لِلِابْنَةِ سَبْعَةٌ، وَلِلْمُوصَى لَهُ اثْنَا عَشَرَ فَإِنْ أَدَّتْ الْمَرْأَةُ مَا عَلَيْهَا صَارَ الْمَالُ كُلُّهُ عَيْنًا مَقْسُومًا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا لِأَنَّهَا إذَا أَدَّتْ مَا عَلَيْهَا فَقَدْ صَارَ نَصِيبُ الِابْنِ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ جُمْلَةَ الْمَالِ ثَلَثُمِائَةٍ اقْسِمْهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا يَكُونُ كُلُّ مِائَةٍ اثْنَيْ عَشَرَ، وَنَصِيبُ الِابْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَعَرَفْنَا أَنَّ نَصِيبَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ فَيَجِبُ لَهُ مَا عَلَيْهِ، وَلِلْمَرْأَةِ نَصِيبُهَا بِمَا عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَعَ الْمِائَةِ الْعَيْنِ مَقْسُومًا بَيْنَ الِابْنَةِ وَالْمُوصَى لَهُ وَالِابْنُ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَى الِابْنِ اثْنَا عَشَرَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ يَبْقَى حَقُّهُ فِي سَهْمَيْنِ، وَحَقُّهُمَا فِي تِسْعَةَ عَشَرَ كَمَا بَيَّنَّا.
وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِخُمُسِ مَالِهِ، وَلَمْ تُؤَدِّ الْمَرْأَةُ شَيْئًا فَالْمَالُ الَّذِي عَلَى الِابْنِ عَيْنٌ لِأَنَّ نَصِيبَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ وَيَقْسِمُ الْمِائَةَ الْعَيْنَ مَعَ مَا عَلَى الِابْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ كَانَتْ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَزِدْنَا الْمُوصَى لَهُ بِالْخُمُسِ مِثْلَ رُبْعِهَا سِتَّةً فَيَكُونُ ثَلَاثِينَ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةً يَبْقَى سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَيَكُونُ كُلُّ مِائَةٍ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَنِصْفٍ فَحَقُّ الِابْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَعَرَفْنَا أَنَّ نَصِيبَهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمِائَةِ فَلِهَذَا قَسَمْنَا الْمِائَتَيْنِ عَلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخُمُسِ سِتَّةٌ وَلِلِابْنَةِ سَبْعَةٌ وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَنِصْفٌ قَدْ كَانَ مُسْتَوْفِيًا لَهُ، وَيَسْتَوْفِي نِصْفَ سَهْمٍ مِمَّا بَقِيَ.
قَالَ: وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَيْنًا، وَمِائَةٌ عَلَى ابْنَتِهِ دَيْنًا ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ مِنْ الْوَرَثَةِ امْرَأَتَهُ وَابْنَتَهُ وَابْنَهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمْ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَالْمِائَةُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَلِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَلِلِابْنَةِ سَبْعَةٌ ثُمَّ تُزَادُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ مِثْلُ نِصْفِهِ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَكُونُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ ثُمَّ يُطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ نَصِيبُ الِابْنَةِ لِأَنَّهَا مُسْتَوْفِيَةٌ حَقَّهَا مِمَّا عَلَيْهَا فَيَبْقَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَلِهَذَا تُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمْ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ كَمَا بَيَّنَّا.
وَإِذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَيْنًا، وَمِائَةٌ عَلَى زَوْجِهَا دَيْنًا مِنْ صَدَاقِهَا فَأَوْصَتْ لِرَجُلٍ بِرُبْعِ مَالِهَا ثُمَّ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ مِنْ الْوَرَثَةِ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَأُخْتَيْهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا، وَأُخْتَيْنِ لِأُمِّهَا فَالْمِائَةُ الْعَيْنُ تُقْسَمُ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْأَخَوَاتِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ لِأَنَّا نُصَحِّحُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ فَنَقُولُ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمٌ، وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ سَهْمَانِ، وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ عَشَرَةٍ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ أُمِّ الْفُرُوجِ ثُمَّ تُزَادُ الْوَصِيَّةُ بِالرُّبْعِ مِثْلُ ثَلَاثَةٍ، وَلَيْسَ لِلْعَشَرَةِ ثُلُثٌ صَحِيحٌ فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي عَشَرَةٍ فَيَكُونُ ثَلَاثِينَ ثُمَّ يُزَادُ لِلْمُوصَى لَهُ مِثْلُ ثُلُثِهَا عَشَرَةٌ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الزَّوْجِ لِأَنَّ عَلَيْهِ فَوْقَ حَقِّهِ، وَنَصِيبُهُ كَانَ ثَلَاثَةً ضَرَبْنَاهَا فِي ثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ تِسْعَةً فَإِذَا طَرَحْت ذَلِكَ مِنْ أَرْبَعِينَ يَبْقَى أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ فَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذَا لِلْمُوصَى لَهُ عَشَرَةٌ، وَقَدْ كَانَ لِلْأُمِّ سَهْمٌ ضَرَبْنَاهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ سَهْمَانِ ضَرَبْنَاهُمَا فِي ثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ سِتَّةً، وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَرْبَعَةٌ ضَرَبْنَاهَا فِي ثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ.
قَالَ: وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى امْرَأَتِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ دَيْنًا فَمَاتَ وَتَرَكَ مِائَةً عَيْنًا، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِخُمُسِ مَالِهِ، وَتَرَكَ مِنْ الْوَرَثَةِ امْرَأَتَهُ وَابْنَيْهِ، وَأَبَوَيْهِ فَالْمِائَةُ الْعَيْنِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَبَيْنَ الِابْنَيْنِ وَالْأَبَوَيْنِ عَلَى مِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِأَنَّ هَذِهِ الْفَرِيضَةَ إذَا صَحَّحْتهَا كَانَتْ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّهَا مَسْأَلَةُ الْمِنْبَرِيَّةِ ثُمَّ يُزَادُ لِلْمُوصَى لَهُ رُبْعٌ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَكُونُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَثَلَاثِينَ إلَّا أَنَّهُ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا اسْتَوْفَتْ حَقَّهَا مِمَّا عَلَيْهَا، وَقَدْ كَانَ نَصِيبُهَا ثَلَاثَةً ضَرَبْنَاهَا فِي أَرْبَعَةٍ فَتَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذَا لِلْمُوصَى لَهُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِلِابْنَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ.
وَقَدْ كَانَ لَهُمَا سِتَّةَ عَشَرَ، وَضَرَبْنَا ذَلِكَ فِي أَرْبَعَةٍ، وَيُحْسَبُ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبُهَا مِمَّا عَلَيْهِ سَبْعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسَبْعَةُ أَتْسَاعٍ فَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَقْتَسِمُونَهُ عَلَى مَا وَصَفْنَا.
قَالَ: وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ عَيْنًا، وَعَشَرَةٌ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنًا فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِخُمُسِ مَالِهِ إلَّا دِرْهَمًا فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ مِنْ الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا، وَيَأْخُذُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ، وَطَرِيقُ التَّخْرِيجِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّا لَا نَعْتَبِرُ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَكِنْ يُعْطِي الْمُوصَى لَهُ بِالْخُمُسِ خُمُسِ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ ثُمَّ يَسْتَرْجِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَحَدَهُمَا فَيَكُونُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ تِسْعَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ، وَلَكِنْ لَا يُعْطِي الِابْنُ الْمَدْيُونَ نَصِيبَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ فَوْقَ حَقِّهِ بَلْ يُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا قَبْلَهُ، وَحَقُّهُمَا أَثْلَاثًا فَإِنَّ دِرْهَمَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ خُمُسُ الْعَشَرَةِ الدَّيْنِ، وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةٌ فَإِذَا اقْتَسَمَا أَرْبَعَةً وَنِصْفًا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ، وَلِلِابْنِ ثَلَاثَةٌ فَقَدْ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ مَرَّةً سَهْمًا قَدْرُهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ، وَأَخَذَ الِابْنُ مَرَّةً أَرْبَعَةً وَنِصْفًا، وَمَرَّةً ثَلَاثَةً فَيَكُونُ ذَلِكَ تِسْعَةً، وَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْعَيْنَ تِسْعَةَ عَشَرَ وَنِصْفٌ خُمُسُ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثَلَاثَةٍ وَنِصْفٍ وَاسْتَرْجَعْنَا بِالِاسْتِثْنَاءِ دِرْهَمًا إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الِابْنُ الْمَدْيُونُ مَا عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يُمْسِكُ مِنْ ذَلِكَ كَمَالَ حَقِّهِ ثَمَانِيَةً وَنِصْفًا، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ، وَهُوَ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا أَثْلَاثًا فَيَحْصُلُ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنْ تَجْعَلَ الْعَشَرَةَ الْعَيْنِ مَقْسُومَةً بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا أَثْلَاثًا لِأَنَّ الْمَدْيُونَ اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَتُطْرَحُ سِهَامُهُ فَإِذَا طُرِحَتْ قَسَمْنَا الْعَشَرَةَ أَثْلَاثًا، وَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ ثُمَّ مِنْهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ دِرْهَمٍ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى دِرْهَمٌ مِنْ خُمُسِ جَمِيعِ الْمَالِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ، وَهُوَ رُبْعٌ مَا يُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ، وَرُبْعُ ثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ فَيَبْقَى لِلْمُوصَى لَهُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ، وَيُسَلَّمُ لِلِابْنِ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَالتَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا.
وَعَلَى طَرِيقِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ نَقُولُ السَّبِيلُ أَنْ يَجْعَلَ الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ دِينَارًا، وَيَضُمُّهُ إلَى الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ عَشَرَةٌ خُمُسُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ دِرْهَمٌ وَخُمُسُ دِينَارٍ ثُمَّ يَسْتَرْجِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ دِرْهَمًا فَيَضُمُّهُ إلَى الْبَاقِي فَيَكُونُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ وَخُمُسَا دِينَارٍ، وَحَاجَتُنَا إلَى دِينَارَيْنِ فَإِنَّا جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ، وَهُوَ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ دِينَارًا فَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِينَارٍ قِصَاصٌ بِمِثْلِهَا يَبْقَى فِي يَدِ الْوَرَثَةِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ يَعْدِلُ دِينَارًا أَوْ خُمُسًا فَتَبَيَّنَ أَنَّ قِيمَةَ الدِّينَارِ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ، وَإِنْ حِينَ جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ دِينَارًا كَانَ ذَلِكَ يُجْزَى سَبْعَةً وَنِصْفًا، وَأَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسَ دِينَارٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ فَكَانَتْ ثَلَاثَةً وَنِصْفًا اسْتَرْجَعْنَا مِنْهُ دِرْهَمًا يَبْقَى لَهُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ فَاسْتَقَامَ، وَطَرِيقُ الْجَبْرِ فِيهِ أَنْ تَجْعَلَ الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا، وَتَضُمَّهُ إلَى الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ، وَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ خُمُسَ ذَلِكَ دِرْهَمَيْنِ، وَخُمُسَ شَيْءٍ فَيَسْتَرْجِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ دِرْهَمًا، وَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَيْءٍ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ قِصَاصًا بِمِثْلِهَا يَبْقَى فِي أَيْدِيهِمْ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ تَعْدِلُ شَيْئًا وَخُمُسَ شَيْءٍ فَأَكْمَلَ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ بِأَنْ تَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مِثْلَ ثُلُثَيْهِ، وَزِدْ مَا يَعْدِلُهُ أَيْضًا مِثْلَ مِثْلَيْهِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ فَيَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّيْئَيْنِ يَعْدِلَانِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَرَفْنَا أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ يَعْدِلُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفًا فَأَمَّا حِينَ جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا كَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ، وَطَرِيقُ الْخَطَّائِينَ فِي ذَلِكَ أَنْ تَجْعَلَ الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ دِرْهَمًا فَيَكُونُ عَدْلُ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يُعْطِي الْمُوصَى لَهُ خُمُسَ ذَلِكَ دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسًا، وَيَسْتَرْجِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ دِرْهَمًا فَيَكُونُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، وَحَاجَةُ الْوَرَثَةِ إلَى دِرْهَمَيْنِ ظَهَرَ الْخَطَأُ بِزِيَادَةِ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ فَعُدْ إلَى الْأَصْلِ وَاجْعَلْ الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ دِرْهَمَيْنِ فَأَعْطِ الْمُوصَى لَهُ خُمُسَ ذَلِكَ دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسَ دِرْهَمٍ وَاسْتَرْجِعْ بِالِاسْتِثْنَاءِ دِرْهَمًا فَيَكُونُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ عَشَرَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ، وَحَاجَتُهُ إلَى أَرْبَعَةٍ ظَهَرَ الْخَطَأُ بِزِيَادَةِ سِتَّةٍ وَثَلَاثَةِ أَخْمَاسٍ، وَكَانَ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ بِزِيَادَةِ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ فَلَمَّا زِدْنَا فِي النَّصِيبِ دِرْهَمَيْنِ ثَبَتَ خَطَأُ دِرْهَمٍ وَخُمُسٍ، وَبَقِيَ خَطَأُ سِتَّةٍ وَثَلَاثَةِ أَخْمَاسٍ فَعَرَفْنَا أَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ يُؤَثِّرُ فِي دِرْهَمٍ وَخُمُسٍ، وَبَقِيَ خَطَأُ سِتَّةٍ وَخُمُسٍ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَزِيدَ مَا يُذْهِبُ خَطَأً مَا بَقِيَ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ فَإِنَّ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ يُذْهِبُ خَطَأَ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ دِرْهَمٍ إذَا كَانَ مَا بَيْنَ كُلِّ دِرْهَمٍ خُمُسٌ فَإِذَا زِدْنَا هَذَا فِي الْخَارِجِ مِنْ الدَّيْنِ ظَهَرَ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَالتَّخْرِيجُ إلَخْ كَمَا بَيَّنَّا.
وَعِنْدَ مَعْرِفَةِ طَرِيقِ الْخَطَّائِينَ يَتَيَسَّرُ التَّخْرِيجُ عَلَى طَرِيقِ الْجَامِعِينَ قَالَ: وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِخُمُسِ مَالِهِ إلَّا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْعَشَرَةِ وَالْعَيْنُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ دِرْهَمٍ يَكُونُ لِلَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مِنْهَا تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَسُدُسٌ.
أَمَّا عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ فَنَقُولُ لَا يُعْتَبَرُ الدَّيْنُ فِي الِابْتِدَاءِ لِأَنَّهُ تَاوٍ، وَلَا الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَكِنْ يُعْطِي الْمُوصَى لَهُ خُمُسَ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ ثُمَّ يَسْتَرْجِعُ مِنْهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَفِي يَدِهِ دِرْهَمَانِ فَالدِّرْهَمُ الثَّالِثُ يَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَيُسَمَّى هَذَا وَمَالًا عَلَيْهِ عَلَى الْمَالِ فَإِذَا اسْتَرْجَعْنَا مِنْهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ ثَلَاثَةً صَارَ مَعَنَا أَحَدَ عَشَرَ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ إلَّا أَنَّ نَصِيبَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ يَأْخُذُهُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ قِصَاصًا بِحَقِّهِمَا، وَحَقُّهُمَا قَبْلَهُ أَثْلَاثًا فَإِنَّ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ تِلْكَ الْعَشَرَةِ دِرْهَمَيْنِ، وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ هَذِهِ الْخَمْسَةُ وَنِصْفٌ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثُ ذَلِكَ دِرْهَمٌ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسٍ لِلْمُوصَى لَهُ فَإِذَا أَخَذَ ذَلِكَ قَضَى مَا عَلَيْهِ بِدِرْهَمٍ، وَتَبْقَى لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ وَهُوَ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَسُدُسٌ، وَيُسَلَّمُ لِلْمَدْيُونِ مِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يُمْسِكُ الْمَدْيُونُ مِمَّا عَلَيْهِ كَمَالَ حَقِّهِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ لِأَنَّ خُمُسَ الْمَالِ أَرْبَعَةٌ وَالْمُسْتَثْنَى ثَلَاثَةٌ فَإِنَّمَا يَبْقَى لِلْمُوصَى لَهُ دِرْهَمٌ وَالْبَاقِي بَيْنَ الِاثْنَيْنِ، وَذَلِكَ تِسْعَةَ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تِسْعَةٌ وَنِصْفٌ فَيُؤَدِّي الْمَدْيُونُ نِصْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ يُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَثْلَاثًا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَوْفِيًا كَمَالَ حَقِّهِ.
وَعَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي السَّبِيلُ أَنْ تُقْسَمَ الْعَيْنُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا أَثْلَاثًا، وَيَحْصُلُ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ ثُمَّ يَسْتَرْجِعُ مِنْهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ مَا سَلَّمَ لَهُ كَانَ مِقْدَارُ ذَلِكَ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا فَتَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ دِرْهَمٍ ثُمَّ التَّخْرِيجُ إلَى آخِرِهِ كَمَا بَيَّنَّا، وَتَخْرِيجُهُ عَلَى طَرِيقِ الْحِسَابِ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.
قَالَ: وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْر ابْنِهِ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ مِنْ الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ لِأَنَّ مَا سُمِّيَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِقَدْرِ سَهْمَيْنِ مِنْ الْمَالِ، وَحَقُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ فِي الثُّلُثِ فَلِهَذَا قُلْنَا يَأْخُذُ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُ بِثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسِتَّةٍ فَحِينَئِذٍ لَا يَأْخُذُ إلَّا خَمْسَةً لِأَنَّ ثُلُثَ الْمُتَعَيِّنِ مِنْ الْمَالِ خَمْسَةٌ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ مِثْلُ نِصْفِ الْعَيْنِ فَإِنَّ السَّالِمَ لِلِابْنِ الْآخَرِ نِصْفُ الْعَيْنِ فَلِهَذَا يَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ نِصْفَ الْعَيْنِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ كَانَ الْخَارِجُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْمُوصَى لَهُ كَمَالُ حَقِّهِ، وَهُوَ سِتَّةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ يُسَلِّمُ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ.
قَالَ فَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدِرْهَمٍ، وَلِآخَرَ بِخُمُسِ مَالِهِ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالدِّرْهَمِ يَأْخُذُ مِنْ الْعَيْنِ دِرْهَمًا، وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخُمُسِ مِنْ الْعَيْنِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَسُدُسًا وَالْبَاقِي لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِخُمُسِ الْمَالِ شَرِيكُ الْوَارِثِ فَكَمَا أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِمَالٍ مُسَمًّى يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ مَنْ هُوَ شَرِيكُ الْوَارِثِ فَيَبْدَأُ، وَبِالْمُوصَى لَهُ بِالْخُمُسِ بِالدِّرْهَمِ فَيُعْطِي دِرْهَمًا يَبْقَى تِسْعَةَ دَرَاهِمَ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخُمُسِ خُمُسَ الْعَيْنِ دِرْهَمَيْنِ يَبْقَى سَبْعَةً بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَلَكِنَّ الِابْنَ الْمَدْيُونَ لَا يُعْطِي نَصِيبَهُ بَلْ يَكُونُ نَصِيبُهُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخَمْسِ، وَلِلِابْنِ الْآخَرِ مَكَانٌ مَا لَهُمَا عَلَيْهِ، وَحَقُّهُمَا قَبْلَهُ أَثْلَاثٌ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي الدِّرْهَمَيْنِ مِمَّا عَلَيْهِ، وَحَقُّ الِابْنِ فِي أَرْبَعَةٍ فَيَقْتَسِمَانِ نَصِيبَهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِلْمُوصَى لَهُ دِرْهَمٌ وَسُدُسٌ فَقَدْ أَخَذَ مَرَّةً دِرْهَمَيْنِ فَصَارَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَسُدُسٌ، وَلِلِابْنِ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ، وَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ الْمُتَعَيِّن خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْدَاسٍ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي خُمُسِ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَسُدُسٌ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَيُمْسِكُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ سَبْعَةً وَنِصْفًا، وَيُؤَدِّي دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا فَيُقْسَمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الْآخَرِ أَثْلَاثًا حَتَّى يَحْصُلَ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَالُ حَقِّهِ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ، وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يُجْعَلُ كَأَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ عَيْنٌ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَصِيَّةَ الْمُوصَى لَهُ بِالدِّرْهَمِ فِي مُقَاسَمَةِ الْوَرَثَةِ فَيَكُونُ حَقُّ صَاحِبِ الْخُمُسِ فِي أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، وَحَقُّ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي ثَمَانِيَةٍ فَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا أَثْلَاثًا لِأَنَّ الِابْنَ الْمَدْيُونَ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَيَحْصُلُ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ، وَثُلُثٌ ثُمَّ نَقُولُ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الدِّرْهَمِ مِثْلُ رُبْعِ وَصِيَّةِ صَاحِبِ الْخُمُسِ فَيَسْتَرِدُّ مِنْ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مِثْلَ رُبْعِ مَا أَخَذَ مِنْهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخُمُسِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ دِرْهَمٍ فَيَضُمُّ إلَى مَا فِي يَدِهِ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَسُدُسًا ثُمَّ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالدِّرْهَمِ مُقَدَّمٌ فَيُعْطِي دِرْهَمًا مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ، وَيَبْقَى لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخُمُسِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَسُدُسٌ وَالتَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا.
وَلَوْ كَانَ الْمَالُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا عَيْنًا وَاثْنَيْ عَشَرَ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنًا، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُدُسِ الْمَالِ يَأْخُذُ مِنْ الْعَيْنِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَسُبْعَ دِرْهَمَ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ لِأَحَدِهِمَا بِدِرْهَمَيْنِ مِنْ الْعَيْنِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ كَمَا بَيَّنَّا فَيَأْخُذُ دِرْهَمَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِسُدُسِ الْمَالِ يَأْخُذُ مِنْ الْعَيْنِ دِرْهَمَيْنِ فَسُدُسُ الْمَالِ بَيْنَهُ وَبَيْن الِابْنِ الْآخَرِ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا قَبْلَهُ أَسْبَاعًا فَإِنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَهُ فِي الدِّرْهَمَيْنِ، وَحَقَّ الِابْنِ فِي خَمْسَةٍ فَسُبْعَاهُ دِرْهَمٌ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ سُبُعَا هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، وَلِلِابْنِ خَمْسَةُ أَسْبَاعِهِ، وَكُلُّ سُبُعِ أَرْبَعَةٍ أَتْسَاعٍ فَسُبْعَاهُ دِرْهَمٌ وَسُبُعٌ إذَا ضَمَّ ذَلِكَ إلَى الدِّرْهَمَيْنِ كَانَ ثَلَاثَةً وَسُبُعًا يَبْقَى فِي يَدِ الِابْنِ سِتَّةٌ وَسِتَّةُ أَسْبَاعٍ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي سُدُسِ ذَلِكَ ثَلَاثَةً وَسَبْعًا إلَى أَنْ يَثْبُتَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَيُمْسِك الِابْنُ الْمَدْيُونُ حِصَّتَهُ، وَذَلِكَ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ، وَيُؤَدِّي ثَلَاثَةً فَيَقْتَسِمُهَا الِابْنُ وَصَاحِبُ سُدُسِ الْمَالِ أَسْبَاعًا سُبْعَاهُ لِلْمُوصَى لَهُ، وَذَلِكَ تُسْعُ دِرْهَمٍ إذَا ضَمَّهُ إلَى مَا أَخَذَ يَحْصُلُ لَهُ أَرْبَعَةٌ سُدُسِ الْمَالِ، وَيَبْقَى لِلْأَبِ دِرْهَمٌ وَسُبْعٌ إذَا ضَمَّهُ إلَى مَا أَخَذَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ كَمَالُ حَقِّهِ، وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يُجْعَلُ الْمَالُ كُلُّهُ كَأَنَّهُ عَيْنٌ، وَلَا تُعْتَبَرُ الْوَصِيَّةُ بِسُدُسِ الْعَيْنِ فِي الِابْتِدَاءِ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِسُدُسِ الْمَالِ، وَلِلِابْنِ الْآخَرِ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا أَسْبَاعًا سُبْعَاه لِلْمُوصَى لَهُ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ ثُمَّ وَصِيَّةُ الْمُوصَى لَهُ بِسُدُسِ الْعَيْنِ مِثْلُ نِصْفِ وَصِيَّةِ الْمُوصَى لَهُ بِسُدُسِ الْمَالِ فَيَسْتَرِدُّ مِنْ الِابْنِ مِثْلَ نِصْفِ مَا أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ، وَذَلِكَ دِرْهَمٌ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعٍ فَإِذَا ضَمَّ ذَلِكَ إلَى ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةِ أَسْبَاعٍ يَكُونُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَسُبْعَا يَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ، وَذَلِكَ دِرْهَمٌ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعٍ فَإِذَا ضَمَّ ذَلِكَ إلَى ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةِ أَسْبَاعٍ يَكُونُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَسُبْعًا يَأْخُذُ الْمُوصِي بِسُدُسِ الْعَيْنِ مِنْ ذَلِكَ دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُقَدَّمٌ، وَيَبْقَى لِلْمُوصَى لَهُ بِسُدُسِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَسُبُعٌ وَالتَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا.
وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَيْنًا، وَمِائَةٌ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنًا فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِنِصْفِ الْعَيْنِ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ نِصْفَهَا لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ مَا زَادَتْ عَلَى ثُلُثِ الْمُتَعَيِّنِ مِنْ الْمَالِ فَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ نِصْفِ الْعَيْنِ، وَهُوَ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ فَلِهَذَا يَنْفُذُ لِلْمُوصَى لَهُ مِثْلُ جَمِيعِ وَصِيَّتِهِ فَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلْثَيْ الْعَيْنِ أَخَذَ أَيْضًا نِصْفَهَا لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَالْمُتَعَيَّنُ مِنْ الدَّيْنِ يَكُونُ مِثْلَ نَصِيبِ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَلَوْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثُلُثِ الْعَيْنِ كَانَ السَّالِمُ لِلِابْنِ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا، وَيَتَعَيَّنُ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ فَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي نِصْفِ الْمَالِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَلِهَذَا يُسَلَّمُ لَهُ نِصْفُ الْعَيْنِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِنِصْفِ مَالِهِ، وَأَجَازَ الِابْنَانِ الْوَصِيَّةَ لَهُ، وَلَمْ يُجِزْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَجَازَ صَاحِبُهُ فَإِجَازَةُ الِابْنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلَةٌ فِي الْمَالِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجِزْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَجَازَ صَاحِبُهُ فَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ إجَازَةَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ بَاطِلَةٌ فَلِأَنَّ الْمَدْيُونَ لَا يُسَلَّمُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعَيْنِ.
وَأَمَّا مِنْ الْإِجَازَةِ فِي سَلَامَةِ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ مِنْهَا لِلْمُوصَى لَهُ فَإِنَّمَا تَعْمَلُ إجَازَةُ مَنْ يَكُونُ مُتَمَكِّنًا مِنْ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ دُونَ مَنْ لَا يَكُونُ مُتَمَكِّنًا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الِابْنَ الَّذِي أَجَازَ وَصِيَّةَ أَبِيهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا بِأَنْ كَانَ قَاتِلًا كَانَتْ إجَازَتُهُ بَاطِلَةً فَهَذَا مِثْلُهُ.
ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ نِصْفَ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا بِلَا مِنَّةٍ لِأَحَدٍ، وَيَكُونُ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ النِّصْفُ الْبَاقِي، وَقَدْ أَجَازَ لِلْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ فَيُعْطِيه مِنْ هَذَا النِّصْفِ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا فَيُؤْمَرُ بِدَفْعِ ذَلِكَ الْقَدْرِ إلَى الْمُوصَى لَهُ، وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يَجْعَلُ كَأَنَّ الْمَالَ عَيْنٌ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ بِلَا مِنَّةِ الْإِجَازَةِ يَبْقَى مِنْ حَقِّهِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ نِصْفُ ذَلِكَ فِي حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَيُعْطِي لَهُ مِنْ الْعَيْنِ الثُّلُثَ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، يَبْقَى سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ لَا يُعْطِي الْمَدْيُونُ نَفْسَهُ بَلْ يَقْسِمُهُ الْآخَرَانِ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا قَبْلَهُ، وَحَقُّهُمَا قَبْلَهُ سَوَاءٌ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ فَيَحْصُلُ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا ثُمَّ إنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ مِنْ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مِثْلَ رُبْعِ نَصِيبِهِ الْأَصْلِيِّ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ فَيَصِيرُ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ.
وَيَأْخُذُ أَيْضًا مِثْلَ رُبْعِ مَا أَخَذَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ فِي أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ وَسُدُسٍ فَيَكُون ذَلِكَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَنِصْفًا.
وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَ أَرْبَعَةٍ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لَهُ الْوَصِيَّةَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَى تَمَامِ النِّصْفِ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَى تَمَامِ النِّصْفِ يَكُونُ رُبْعَ الثُّلُثَيْنِ فَعَرَفْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا أَجَازَ لَهُ الْوَصِيَّةَ فِي رُبْعِ مَا يُسَلِّمُ لَهُ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ الْمَدْيُونُ يُمْسِك مِيرَاثَهُ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَيُؤَدِّي ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا فَيَقْسِمُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْمُوصَى لَهُ مِنْ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ رُبْعُ مَا أَخَذَ بِاعْتِبَارِ إجَازَتِهِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَسُدُسٌ فَيُسَلِّمُ لَهُ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَيَأْخُذُ مِنْ الِابْنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَا أَجَازَ الْوَصِيَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَيَّنَ الدَّيْنُ عَمِلَتْ إجَازَتُهُ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَيَصِيرُ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَقَدْ كَانَ السَّالِمُ لَهُ بِلَا مِنَّةٍ خَمْسُونَ، وَظَهَرَ الْآنَ أَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْضًا ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثًا حَتَّى يَسْلَمَ لَهُ كَمَالُ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُونَ دِرْهَمًا فَإِنْ قَالَ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ: قَدْ أَجَزْت لَهُ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ، وَجَمِيعُ مَا أَجَازَ لَهُ أَخِي مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْمِائَةِ الْعَيْنِ ثُلُثَهَا لِأَنَّ إجَازَةَ الْمَدْيُونِ فِي الْعَيْنِ إنَّمَا تَصِحُّ بِحَقِّ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَجَازَ هُوَ إجَازَتَهُ فَكَمَا أَنَّ وَصِيَّةَ الْمُوصِي تَنْفُذُ بِإِجَازَتِهِ فِي حَقِّهِ، وَإِذَا نَفَذَتْ إجَازَتُهُمَا قُلْنَا: الْمِائَةُ الْعَيْنُ تُقْسَمُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا، وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ مِائَةٌ فِي دِرْهَمٍ، وَحَقُّ كُلِّ ابْنٍ فِي خَمْسِينَ فَتُقْسَمُ الْمِائَةُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا لِلْمُوصَى لَهُ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَثُلُثُهَا لِلِابْنِ، وَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الْمَالِ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَإِنَّمَا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي نِصْفِهَا فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ أَمْسَكَ الْمَدْيُونُ حِصَّتَهُ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، وَأَدَّى خَمْسِينَ فَاقْتَسَمَهَا الِابْنُ وَالْمُوصَى لَهُ أَثْلَاثًا لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَاهَا، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَيَصِلُ إلَيْهِ كَمَالُ حَقِّهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَيُسَلَّمُ لِكُلِّ ابْنٍ خَمْسُونَ دِرْهَمًا.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِنِصْفِ الْعَيْنِ، وَنِصْفِ الدَّيْنِ فَأَجَازَ الْوَارِثَانِ ذَلِكَ فَإِجَازَةُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلَةٌ، وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَيْ الْمَالِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ نِصْفُهُ بِاعْتِبَارِ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ الْعَيْنِ حَقُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ، وَقَدْ أَجَازَ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَصِيَّتَهُ، وَإِجَازَتُهُ صَحِيحَةٌ فِي حَقِّهِ فَيَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الْعَيْنِ وَنِصْفِ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَالِابْنُ إنَّمَا يَضْرِبُ فَلِهَذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَاهَا، وَلِلِابْنِ ثُلُثُهَا.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا سَلَّمَ لِلِابْنِ ثُلُثَهَا، وَظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ ثُلُثُهَا قُلْنَا السَّالِمُ لِلِابْنِ ثُلُثُ الْعَيْنِ فِي الصُّورَةِ، وَفِي الْحُكْمِ نِصْفُ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ إجَازَتِهِ فَيَكُونُ كَالسَّالِمِ لَهُ فِي حُكْمٍ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ فِي الْحُكْمِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا.
وَلَوْ أَجَازَ لَهُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَصِيَّتَهُ، وَأَجَازَ أَيْضًا مَا أَجَازَ لَهُ أَخُوهُ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُعَيَّنِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا وَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِإِجَازَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ نِصْفَ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ وَنِصْفُهُ فِي الْعَيْنِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ إجَازَةَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ فِي الْعَيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ بِحَقِّ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يُجِزْ الِابْنُ الْآخَرُ إجَازَتَهُ لَكَانَ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ فَإِذَا أَجَازَ إجَازَتَهُ أَخَذَ مَعَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَثُلُثَا حِصَّتِهِ مِنْ الْإِجَازَةِ فِي الْمِائَةِ الْعَيْنِ فَتَكُونُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا.
وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ تُقْسَمُ الْمِائَةُ الْعَيْنُ أَثْلَاثًا ثُمَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ مِنْ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ حِصَّةَ إجَازَتِهِ فِي الْمِائَةِ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ، وَيُقْسَمُ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ، وَهُوَ ثُلُثُ الْمِائَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيُسَلَّمُ لَهُ أَيْضًا سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَيَكُونُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ وَثُلُثًا.
وَالنِّصْفُ الَّذِي أَخَذَهُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَأْخُذُهُ أَيْضًا بِالْإِجَازَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لَهُ عِوَضًا عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَقَدْ أَجَازَ وَصِيَّتَهُ فِيهِ فَيَكُونُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِيهِ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّهِ فَإِذَا ضَمَّ ذَلِكَ إلَى مَا أَخَذَهُ كَانَ لَهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فَإِذَا ثَبَتَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ أَمْسَكَ الْمَدْيُونُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسِينَ، وَدَفَعَ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِمَا خَمْسِينَ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ حِصَّةَ الْإِجَازَةِ فِي الدَّيْنِ قَدْ وَصَلَتْ إلَيْهِ فَبَقِيَ حَقُّهُمَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ سَوَاءٌ فَإِذَا اقْتَسَمَا هَذِهِ الْخَمْسِينَ نِصْفَيْنِ سَلَّمَ لِلْمُوصَى لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ كَمَالَ حَقِّهِ، وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسُونَ.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ أَجَازَ أَوْ لَمْ يُجِزْ فَهُوَ سَوَاءٌ، وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ نِصْفَ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَسْتَغْنِي عَنْ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ ثُلُثِ الْمَالِ بِالْوَصِيَّةِ، وَهُوَ شَرِيكُ الْوَرَثَةِ بِالثُّلُثِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْمَالِ، وَمَا يَتْوِي مِنْهُ.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَبِثُلُثِ الدَّيْنِ لِرَجُلٍ فَأَجَازَ أَخَذَ مِنْ الْعَيْنِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَثُلُثًا.
قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاعْلَمْ بِأَنَّ إجَازَتَهُمَا هَاهُنَا فِي الِابْتِدَاءِ مُعْتَبَرَةٌ، وَفِي الِانْتِهَاءِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ ثُمَّ نِصْفُ الْعَيْنِ، وَهُوَ خَمْسُونَ سَالِمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِلَا مِنَّةِ الْإِجَازَةِ يَبْقَى إلَى تَمَامِ حَقِّهِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ حَقِّهِ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ، وَحَقُّهُ مُقَدَّمٌ، وَمَا يُسَلَّمُ لَهُ بِالْإِجَازَةِ يَكُونُ مِنْ جِهَةِ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ إلَّا أَنَّ إجَازَةَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْعَيْنِ، وَإِجَازَةُ الِابْنِ الْآخَرِ مُعْتَبَرَةٌ فَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ ثَمَانِيَةً وَثُلُثًا فَلِهَذَا كَانَ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ فَإِنْ أَجَازَ الِابْنُ الْآخَرُ مَا أَجَازَ لَهُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ أَيْضًا أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْمِائَةِ الْعَيْنِ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ لِأَنَّ حِصَّةَ الْمَدْيُونِ إنَّمَا كَانَتْ لَا تُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْإِجَازَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الِابْنِ الْآخَرِ فَإِذَا رَضِيَ بِهِ الِابْنُ الْآخَرُ أَخَذَ كَمَالَ حَقِّهِ فَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ حَقِّهِ، وَقَدْ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَحَقُّهُ فِيمَا تَعَيَّنَ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَعَنَ عِيسَى فِي هَذَا الْفَصْلِ وَقَالَ إنَّهُ أَعْطَى الْمُوصَى لَهُ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ قَبْلَ خُرُوجِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ، وَلَمْ يَفْعَلْ مِثْلَ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ لَا فِي الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ، وَلَا فِي الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَبَقَ، وَلَكِنَّا نَقُولُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا لِإِظْهَارِ تَأْثِيرِ الْإِجَازَةِ فَإِنَّ إجَازَتَهُمَا بَعْدَ خُرُوجِ الدَّيْنِ لَغْوٌ فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ جَمِيعُ وَصِيَّتِهِ قَبْلَ خُرُوجِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ صَارَتْ مِنْهُ الْإِجَازَةُ لَغْوًا أَصْلًا وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَهُنَاكَ الْإِجَازَةُ مُؤَثِّرَةٌ بَعْدَ خُرُوجِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِنِصْفِ الْمَالِ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إذَا خَرَجَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ، وَأَمْسَكَ الِابْنُ الْمَدْيُونُ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ كَمَالَ حَقِّهِ، وَأَعْطَى ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ إلَى أَخِيهِ، وَقَدْ سَلَّمَ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَالَ حَقِّهِ.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِنِصْفِ مَالِهِ فَأَجَازَ الِابْنُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلَمْ يُجِزْ الْآخَرُ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْمَدْيُونَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ، وَلَا تَتَعَيَّنُ إجَازَتُهُ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ جَمِيعَ مِيرَاثِهِ، وَلَكِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ نِصْفَ الْعَيْنِ فَإِذَا خَرَجَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ اقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ كَمَالَ حَقِّهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الِابْنِ الْمَدْيُونِ بِسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَيَّنَ الْمَالُ كُلُّهُ عُلِمَتْ إجَازَتُهُ فِي حِصَّتِهِ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثَا دِرْهَمٍ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَيَبْقَى لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا أَجَازَا، وَقَدْ سَلَّمَ الِابْنُ الْآخَرُ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا لَمْ يُجِيزَا.
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ ابْنَيْنِ، وَلَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَتَرَكَ دَارًا تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَالِهِ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الدَّارِ، وَلِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدَّارِ فِي يَدِ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ حَتَّى يَرْفَعَ إلَى الْقَاضِي الْأَمْرَ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَإِنَّ هُنَاكَ الْمَالَ الْعَيْنَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فَنَصِيبُ الْمَدْيُونِ مِنْهُ يَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنُ الْآخَرُ قَضَاءً بِمَا لَهُمَا عَلَيْهِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَهَا هُنَا نَصِيبُهُ مِنْ الدَّارِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَبْقَى، وَصَاحِبُ الدَّيْنِ يَأْخُذُهُ لِمَا فِي أَخْذِهِ مِنْ مَعْنَى الْبَيْعِ، وَذَلِكَ لَا يَتِمُّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَحْدَهُ، وَلَكِنَّهُ يُوقَفُ فِي أَيْدِيهِمَا لِمَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْهُونِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ مَحْبُوسٌ بِالْقَبْضِ وَالِابْنُ مَحْبُوسٌ بِالْجَعْلِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ ذَلِكَ إلَى الِابْنِ الْمَدْيُونِ ازْدَادَ نَصِيبُهُ عَلَى نَصِيبِ الِابْنِ الْآخَرِ مِنْ التَّرِكَةِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ثُمَّ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي فَيَقُولُ الْقَاضِي لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ أَدِّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ الَّتِي لَهُمَا عَلَيْك، وَإِلَّا بِعْنَا ثُلُثَ الدَّارِ الَّذِي صَارَ لَك، وَأَوْفَيْنَا هَؤُلَاءِ حُقُوقَهُمْ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نُصِّبَ لِلنَّظَرِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْجَانِيَيْنِ، وَذَلِكَ فِيمَا قُلْنَا فَإِنْ أَدَّى إلَيْهِمَا ثُلُثَيْ الْأَلْفِ أَخَذَ ثُلُثَ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِمَا كَمَالُ حَقِّهِمَا، وَيَصِلُ إلَيْهِ كَمَالَ حَقِّهِ أَيْضًا.
وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَاعَهُ الْقَاضِي فَأَخَذَا ثَمَنَهُ نِصْفَيْنِ.
قِيلَ: هَذَا قَوْلُهُمَا فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَا يَبِيعُ الْقَاضِي نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ لِأَنَّ لَهُمَا عَلَيْهِ دَيْنًا، وَمِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَبِيعُ عَلَى الْمَدْيُونِ مَالَهُ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ تَرِكَةُ الْمَيِّتِ، وَلِلْقَاضِي فِي التَّرِكَةِ وِلَايَةُ الْبَيْعِ لِمَكَانِ الدَّيْنِ فَيَبِيعُ نَصِيبَهُ، وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ حَقَّهُمَا فِيمَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَالٍ تَرَكَهُ الْمَيِّتُ سِوَى الدَّرَاهِمِ فَهُوَ وَالدَّارُ سَوَاءٌ لِأَنَّ نَصِيبَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِنْ هَذَا الْمَالِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ الْمَالُ لَوْ كَانَ دَنَانِيرَ إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ يَقُولُ يَأْخُذُونَ ذَلِكَ قَضَاءً مِمَّا لَهُمَا عَلَيْهِ، وَهَذَا مَذْهَبُهُ أَيْضًا فِي صَاحِبِ الدَّيْنِ إذَا ظَفِرَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ يَأْخُذُ النَّقْدَيْنِ وَدَيْنَهُ مِنْ النَّقْدِ الْآخَرِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ مَشَايِخِنَا أَيْضًا لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ.
وَأَمَّا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَأَخَذَ الدَّنَانِيرِ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ يَكُونُ مُبَادَلَةً فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ صَاحِبُ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي عَلَيْهِ مُبَهْرَجَةً، وَمَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ أَجْوَدُ مِنْهَا لِأَنَّهُمَا لَوْ اسْتَوْفَيَا نَصِيبَهُ مَكَانَ مَا عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمَدْيُونِ فِي الْجَوْدَةِ.
وَلَوْ اسْتَوْفَيَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ الَّتِي فِي الدَّارِ فَإِنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ أَجْوَدُ مِمَّا خَلَّفَهُ الْمَيِّتُ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَرَضِيَا بِأَخْذِ نَصِيبِ الْمَدْيُونِ قِصَاصًا فَلَهُمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا تَجَوَّزَا بِدُونِ حَقِّهِمَا، وَأَسْقَطَا حَقَّهُمَا فِي الْجَوْدَةِ.
وَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِذَلِكَ كَانَتْ كَجِنْسٍ آخَرَ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُمَا لَا يَتَمَكَّنَانِ مِنْ اسْتِيفَاءِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الرِّبَا، وَقَدْ انْعَدَمَ الرِّضَا مِنْهُمَا بِاسْتِيفَاءِ ذَلِكَ قَضَاءً مِنْ حَقِّهِمَا بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى خِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ فَيُرْفَعُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَهُ لَهُمْ فَيُوفِيَهُمْ حَقَّهُمْ.
وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَتَرَكَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدَارًا تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ فَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَسْتَوْفِي حِصَّتَهُ مِنْ الْعَيْنِ وَيُمْنَعُ الْمَدْيُونُ مِنْ حِصَّتِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِيفَاءِ نَصِيبِهِ مَكَانَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِانْعِدَامِ الْمُجَانَسَةِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ الْمَدْيُونُ مِنْ أَخْذِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسَلِّمُ لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يُسَلِّمُ لِأَخِيهِ فَيَبْقَى نَصِيبُهُ مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يُعْطِيَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى أَخِيهِ فَإِنْ أَعْتَقَ الِابْنَ الْمَدْيُونَ الْعَبْدَ نَفَذَ الْعِتْقُ مِنْ نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِنَصِيبِهِ، وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا عَنْهُ لِحَقِّ أَخِيهِ فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ فِيهِ كَالْمُشْتَرِي إذَا أَعْتَقَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمَوْلَى الْإِبَاقِ إذَا أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَدَاءِ الْجُعْلِ فَإِذَا أَنْفَذَ الْعِتْقَ فِي نَصِيبِهِ كَانَ الشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ فِي نَصِيبِهِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي عَبْدٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ يُعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الِابْنِ الْآخَرِ لِأَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ مَا تَعَلَّقَ بِمَالِيَّتِهِ.
وَإِنْ كَانَ هُوَ مَحْبُوسًا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِبَاقِ وَالْمَبِيعُ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ إذَا أَعْتَقَهُ الرَّاهِنُ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فَإِنَّ عَلَى الْعَبْدِ السِّعَايَةَ فِي الدَّيْنِ، وَكَانَ مُتَعَلِّقًا بِمَالِيَّتِهِ، وَتِلْكَ الْمَالِيَّةُ سَلِمَتْ لِلْعَبْدِ فَلِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْبِسَ نَصِيبَ أَخِيهِ مِنْ التَّرِكَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ نِصْفَ الدَّيْنِ لِأَنَّ قَبْلَ إعْتَاقِ الْعَبْدِ كَانَ حَقُّ الْحَبْسِ ثَابِتًا لَهُ فِي هَذَا النِّصْفِ مِنْ الدَّارِ فَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِإِعْتَاقِ الْعَبْدِ.
وَإِنْ أَعْطَاهُ نِصْفَ الدَّارِ لِسَكَنِهِ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ نِصْفَ الدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ صَارَ مُسْقِطًا حَقَّهُ فِي الْحَبْسِ وَالسَّاقِطُ يَكُونُ مُتَلَاشِيًا فَلَا يَحْتَمِلُ الْإِعَادَةَ كَالْبَائِعِ إذَا سَلَّمَ الْمَبِيعُ إلَى الْمُشْتَرِي بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ.
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ دَيْنًا عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ، وَهُوَ مُعْسِرٌ وَأَعْتَقَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ سَعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّ حَقَّهُمَا فِي سِعَايَتِهِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ الِابْنَ الْمَدْيُونَ يَسْتَوْفِي جَمِيعَ حَقِّهِ مِمَّا عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ مِنْ السِّعَايَةِ، وَلَكِنَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ يُسَلَّمُ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْمُعْتَقَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةً فَالْعَبْدُ مُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الْمَالِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَالَ الْمُعَيَّنَ يُقْسَمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ نِصْفَيْنِ، وَسِعَايَتُهُ بِمَنْزِلَةِ مَالِ الْعَيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يُمْسِكُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ، وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَيُؤَدِّي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ بَيْنَ الِابْنِ الْمُعْتَقِ نِصْفَيْنِ حَتَّى يَسْلَمَ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ.
وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ فِي مِائَتَيْنِ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَانِ، وَلَوْ كَانَ الْغُلَامُ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ يَسْعَى الْعَبْدُ أَيْضًا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ سِعَايَتَهُ فِي حُكْمِ الْمُتَعَيَّنِ مِنْ الْمَالِ وَالدَّيْنِ تَاوٍ فَيَسْعَى فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ أَمْسَكَ الْمَدْيُونُ كَمَالَ حَقِّهِ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَأَدَّى مِائَةً وَخَمْسِينَ فَيَقْسِمُ مِائَةً مِنْ ذَلِكَ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَالْعَبْدَ نِصْفَيْنِ، وَمَا بَقِيَ لِلِابْنِ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ الْعَيْنُ تَبَيَّنَ أَنَّ رَقَبَةَ الْعَبْدِ كَانَ رُبُعَ مَالِ الْمَيِّتِ فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ فِي جَمِيعِهِ مَجَازًا، وَيَكُونُ لِكُلِّ ابْنٍ نِصْفُ ثَلَثِمِائَةٍ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ.
وَقَدْ أَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَيُسَلِّمُ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي الْحَاصِل مِائَةٌ، وَخَمْسُونَ، وَقَدْ أَمْسَكَ الْمَدْيُونُ مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا وَامْرَأَةً وَتَرَكَ مِائَةً دَيْنًا عَلَى امْرَأَتِهِ وَمِائَةً عَيْنًا، وَقَدْ أَوْصَى مِنْ مَالِهِ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا لِرَجُلٍ، وَلِآخَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَلِآخَرَ بِرُبْعِ مَالِهِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ تَبْطُلُ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَاقِي بِمَنْزِلَةِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ مَا يَفْضُلُ عَنْ حَقِّ ذَوِي السِّهَامِ، وَلَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ لِاسْتِغْرَاقِ الْوَصِيَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ ثُمَّ الْعَيْنُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالدِّرْهَمِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا أَرْبَعَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ لِأَنَّا نُصَحِّحُ السِّهَامَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ فَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ سَهْمٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ ثُمَّ يُزَادُ لِلْوَصِيَّتَيْنِ مِثْلُ نِصْفِهِ أَرْبَعَةً ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا مُسْتَوْفِيَةٌ حَقَّهَا مِمَّا عَلَيْهَا يَبْقَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا، وَإِذَا قُسِمَتْ الْمِائَةُ الْعَيْنُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ كَانَ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ وَجَزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُمَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ، وَلِلِابْنِ مَا بَقِيَ، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ، وَجُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ إذَا ضَمَمْت ذَلِكَ إلَى مِائَةٍ كَانَ ثُلُثُهُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ بِرُبْعِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ فَقَدْ انْكَسَرَ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا فَالسَّبِيلُ أَنْ يَضْرِبَ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ وَثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فِي أَحَدَ عَشَرَ فَيَكُونُ ثَلَثَمِائَةٍ وَالْمُوصَى لَهُ بِالدَّرَاهِمِ يَضْرِبُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا إذَا ضَرَبْت ذَلِكَ فِي أَحَدَ عَشَرَ يَكُونُ مِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ ثُمَّ بَيْنَ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ مُوَافَقَةٌ بِنِصْفِ الْعُشْرِ فَإِذَا اقْتَصَرَتْ مِنْ ثَلَثِمِائَةٍ عَلَى نِصْفِ عُشْرِهَا يَكُونُ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ فَيُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا، وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى هَذَا فَالثُّلُثَانِ اثْنَانِ وَخَمْسُونَ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ يُطْرَحُ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَنِصْفٌ، وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالدَّرَاهِمِ أَحَدَ عَشَرَ فَيُقْسَمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ، وَبَيْنَ الِابْنِ يَضْرِبُ فِيهِ الِابْنُ بِحَقِّهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ تَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَيَجِبُ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبُهَا مِمَّا عَلَيْهَا، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ ثُمَّ تَنْفُذُ الْوَصِيَّتَانِ فِي ثُلُثِ الْمَالِ يَضْرِبُ فِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْعِشْرِينَ بِعِشْرِينَ وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ بِالْخُمُسِ فَيَقْتَسِمَانِ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ.
هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا أَنَّ الْقِسْمَةَ تَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ، وَبَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ غَلَطٌ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَاهُ هَاهُنَا مُفَسَّرًا.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ لَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَتَرَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ عَيْنًا، وَعَلَى أَجْنَبِيَّيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةٌ دَيْنًا فَأَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَجْنَبِيَّيْنِ بِمَا عَلَيْهِ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِثُلُثِ الْمِائَةِ الْعَيْنِ فَأَدَّى أَحَدُ الْأَجْنَبِيَّيْنِ مَا عَلَيْهِ وَالْآخَرُ مُفْلِسٌ فَإِنَّ هَذِهِ الْمِائَةُ الْعَيْنُ وَالْمِائَةَ الَّتِي عَلَى الِابْنِ تُقْسَمُ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا ثَلَاثَةٌ لِلْمُؤَدِّي، وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَدَّى أَحَدُ الْغَرِيمَيْنِ صَارَ مَا عَلَى الِابْنِ عَيْنًا فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ لِلِابْنِ الْآخَرِ نِصْفُ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ مِائَةٌ، وَيُسَلِّمُ لِلْمَدْيُونِ مِثْلَ ذَلِكَ وَهُوَ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ الْمُوصَى لَهُ بِمِائَةٍ وَاَلَّذِي لَمْ يُؤَدِّ مُسْتَوْفٍ وَصِيَّتَهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُغَيَّرَ سِهَامُهُ فَيُجْعَلُ كُلُّ مِائَةٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ يَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فَيُسَلِّمُ، وَكُلُّ غَرِيمٍ بِثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ يَطْرَحُ نَصِيبَ الْغَرِيمِ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ يَبْقَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ ثَلَاثَمِائَةٍ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ كُلُّ مِائَةٍ عَلَى سِتَّةٍ فَيَكُونُ كُلُّ سَهْمٍ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ يُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، وَلِلْغَرِيمِ الْمُؤَدِّي خَمْسِينَ، وَلِلْآخَرِ مِمَّا عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ الْمَالِ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ، وَإِذَا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمْ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ مِائَةً وَسِتَّةَ عَشَرَ اسْتَقَامَ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ بِمَا عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ أَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَلَمْ يُؤَدِّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا فَالْمِائَةُ الْعَيْنُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالِابْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ الْغَرِيمَيْنِ لَا يَقَعُ لَهُمَا وَصِيَّةً مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَحَلُّ حَقِّهِمَا بِالْأَدَاءِ فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُوصَى لَهُ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ فَهَذَا وَالْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي التَّخْرِيجِ سَوَاءٌ لِأَنَّ مَحَلَّ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ تَعَيَّنَ بِالْأَدَاءِ فَيَتَعَيَّنُ لَهُ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ الْأُخْرَى أَيْضًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلْمُوصَى عَلَى صَاحِبِهِ مِثْلَ مَا لِصَاحِبِهِ فِيمَا أَدَّى فَيَأْخُذُهُ قِصَاصًا بِهِ، وَبِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ يَتَعَيَّنُ مَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ وَصِيَّتِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا عَلَيْهِ.
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ مِائَةً دَيْنًا، وَتَرَكَ ثَوْبًا يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَثُلُثُ الثَّوْبِ لِلْمُوصَى لَهُ، وَثُلُثٌ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَثُلُثٌ مَوْقُوفٌ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَدْيُونُ مَا عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ نَظِيرِ هَذَا أَنَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ لَا يَتَمَكَّنَانِ مِنْ أَخْذِ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ فَصَالَحَهُمَا.
وَلَوْ تَرَكَ مَعَ الثَّوْبِ مِائَةً عَيْنًا وَالثَّوْبُ يُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِالثَّوْبِ فَإِنَّ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يُقْسَمُ الْعَيْنُ وَالثَّوْبُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا عَلَى سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا، وَهَذِهِ مِنْ أَدَقِّ الْمَسَائِلِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ لِاجْتِمَاعِ قِسْمَتَيْنِ فَإِنَّ الْعَيْنَ تَحْتَاجُ إلَى قِسْمَةٍ عَلَى حِدَةٍ لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ وَالثَّوْبُ يَحْتَاجُ إلَى قِسْمَةِ عَلَى حِدَةٍ، وَقَدْ اجْتَمَعَ فِي الثَّوْبِ وَصِيَّتَانِ وَصِيَّةٌ بِجَمِيعِهَا، وَوَصِيَّةٌ بِثُلُثِهِ وَالْقِسْمَةُ عِنْدَهُ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ فَيَكُونُ الثَّوْبُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ ثُمَّ الْمِائَةُ الْعَيْنُ تَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا كُلُّ خَمْسِينَ مِنْهَا سِتَّةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ فَيَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصِي لَهُمَا خَمْسَةٌ، وَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمُتَعَيَّنُ مِائَةً وَخَمْسِينَ ظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ نِصْفِهِ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ فَيَكُونُ تِسْعَةَ أَسْهُمٍ، وَلِصَاحِبِ الثَّوْبِ خَمْسَةٌ فَيُجْعَلُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَالثُّلُثَانِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَدْيُونِ، وَيُضْرَبُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَالْمُوصِي لَهُمَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فَتَكُونُ قِسْمَةُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَالثَّوْبُ ثُلُثُ الْعَيْنِ فَإِذَا صَارَ الْكُلُّ عَلَى سِتَّةً وَعِشْرِينَ كَانَ الثَّوْبُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ، لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ الثَّوْبِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ يَأْخُذُ ذَلِكَ يَبْقَى مِنْ الثَّوْبِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثَانِ يُضَمُّ ذَلِكَ إلَى الْمِائَةِ الْعَيْنِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ فَأَمَّا الْمِائَة فَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا يَضْرِبُ الِابْنُ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَالْمُوصَى لَهُ بِثَمَانِيَةٍ.
وَأَمَّا مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ فَيُقْسَمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ يَضْرِبُ فِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ بِثَمَانِيَةٍ وَالِاثْنَانِ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا مُجَانَسَةَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَبَيْنَ الدَّرَاهِمِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِنْ الثَّوْبِ عَلَى أَنْ يُوقَفَ ذَلِكَ فِي يَدِ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ يَبِيعَهُ الْقَاضِي لِحَقِّ الْمُوصِي لَهُمَا فَإِنْ قِيلَ: فَلِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ قُلْنَا لَا كَذَلِكَ فَإِنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يُوقَفُ مِنْ الثَّوْبِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ سَالِمًا لِلْمَدْيُونِ فِي الْحَالِ كَانَ السَّالِمُ لَهُ فِي الْعَيْنِ عِوَضَهُ مِمَّا عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ فَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمُتَعَيَّنُ مِنْ الدَّيْنِ مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ أَدَّى الْمَدْيُونُ وَإِلَّا بِيعَ نَصِيبُهُ مِنْ الثَّوْبِ فَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدٍ وَسَبْعِينَ سَهْمًا بِاعْتِبَارِ حَقِّهِمَا فِيمَا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ ذَلِكَ حَتَّى أَدَّى الِابْنُ مَا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ الْأُولَى تَنْتَقِضُ، وَيُقْسَمُ الْمَالُ كُلُّهُ عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الثَّوْبَ يَكُونُ بَيْنُ الْمُوصِي لَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَالْمِائَتَانِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ كُلَّ خَمْسِينَ عَلَى سِتَّةٍ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثَمَانِيَةٌ، وَلَهُ مِنْ الثَّوْبِ سَهْمٌ فَذَلِكَ تِسْعَةٌ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ خَمْسَةٌ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ وَالثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا خَمْسَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ كُلِّهِ مِنْ الثَّوْبِ ثُمَّ يُضَمُّ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ إلَى الْمِائَتَيْنِ فَيَقْسِمُهُمَا الِاثْنَانِ، وَصَاحِبُ الثُّلُثِ عَلَى سَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ تِسْعَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ تُسْعُ ذَلِكَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ وَثَمَانِيَةُ أَتْسَاعِهِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الِابْنُ مَا عَلَيْهِ قُسِمَتْ الْمِائَةُ الْعَيْنُ وَالثَّوْبُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي الثَّوْبِ وَصِيَّتَانِ وَالْقِسْمَةُ عِنْدَهُمَا بِطَرِيقِ الْعَوْلِ فَيَكُونُ الثَّوْبُ عَلَى سِتَّةٍ، وَيَسْتَقِيمُ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَلَكِنْ فِي الِانْتِهَاءِ يَنْكَسِرُ بِالْإِنْصَافِ فَجَعَلْنَاهُ عَلَى سِتَّةٍ لِهَذَا يَضْرِبُ صَاحِبُ الثَّوْبِ فِي الثَّوْبِ بِسِتَّةٍ، وَصَاحِبُ الثُّلُثِ بِسَهْمَيْنِ فَتَكُونُ سِهَامُ الثَّوْبِ ثَمَانِيَةً، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ فَتُجْعَلُ كُلُّ خَمْسٍ عَلَى سِتَّةٍ فَتَكُونُ سِهَامُ الْمِائَةِ الْعَيْنِ اثْنَيْ عَشَرَ، وَسِهَامُ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ تِسْعَةً فَذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ ذَلِكَ تِسْعَةٌ إذَا ضَمَمْته إلَى ثَمَانِيَةٍ يَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَهُوَ سِهَامُ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ إلَّا أَنَّهُ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَدْيُونِ مِمَّا عَلَيْهِ.
وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا عَلَى ثَلَاثِينَ وَالثَّوْبُ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارُ الثُّلُثِ فَتَكُونُ عَشَرَةً لِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةً يُضَمُّ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ إلَى الْمِائَةِ الْعَيْنِ لِلْقِسْمَةِ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَأَمَّا الْمِائَةُ الْعَيْنُ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَيَضْرِبُ فِي ذَلِكَ بِتِسْعَةٍ وَالِابْنُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا، وَأَمَّا مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ فَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ لِأَنَّهُ يَضْرِبُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ بِثَلَاثِينَ وَالْمُوصَى لَهُ بِتِسْعَةٍ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ يُوقَفُ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِمَّا عَلَيْهِ لَهُمَا، وَإِنْ خَرَجَتْ الْمِائَةُ الدَّيْنُ فَقَدْ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ الْأُولَى، وَيَجِبُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِأَنَّ الثَّوْبَ يَكُونُ عَلَى أَرْبَعَةٍ ثَلَاثَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ، وَكُلُّ خَمْسِينَ مِنْ الْمِائَتَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِأَنَّهُ لَا عَوْلَ فِيهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَيَحْصُلُ لَهُ خَمْسَةٌ، وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةٌ فَيُجْعَلُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَالثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ فَيَكُونُ الْمَالُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا ثَلَاثَةٌ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ كُلِّهِ فِي الثَّوْبِ ثُمَّ يُضَمُّ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ إلَى الْمِائَتَيْنِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ خَمْسَةٌ خُمُسُ ذَلِكَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الْمِائَتَيْنِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ.
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَيْنًا وَثَلَثَمِائَةٍ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنًا، وَتَرَكَ كُرَّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِالْكُرِّ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ وَثُلُثِ الْكُرِّ فَإِنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ أَنَّ الْمِائَتَيْنِ وَالْكُرَّ يُقْسَمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي الْكُرِّ وَصِيَّتَانِ بِجَمِيعِهِ وَثُلُثِهِ وَالْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَهُ كَانَ الْكُرُّ عَلَى سِتَّةٍ، وَكُلُّ مِائَةٍ مِنْ الْعَيْنِ كَذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْهَا، وَسَهْمَانِ مِنْ الْكُرِّ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْكُرِّ خَمْسَةٌ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى عَشَرَةٍ.
وَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ فِي الْعَيْنِ خَاصَّةً فَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى عَشَرَةٍ وَالثُّلُثَانِ عِشْرُونَ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَدْيُونِ، وَهُوَ عَشَرَةٌ، وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْمُوصَى لَهُمَا عَلَى عِشْرِينَ سَهْمًا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الرُّبْعُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْكُرِّ كُلِّهِ فِي الْكُرِّ وَالرُّبْعُ ثَلَثُمِائَةٍ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْكُلِّ فِي الْحَاصِلِ ثُمَّ يُضَمُّ مَا بَقِيَ إلَى الْكُرِّ إلَى الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَالِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا فَمَا أَصَابَ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ خُمُسُ ذَلِكَ فِي الْكُرِّ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِ فِيهِمَا، وَخُمُسُ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَيَكُونُ لَهُ مِنْ الْكُرِّ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الرُّبْعِ الْبَاقِي، وَمِنْ الْمِائَتَيْنِ سِتُّونَ دِرْهَمًا، وَيَكُونُ لِلِابْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ نِصْفَيْنِ فَتُوقَفُ حِصَّةُ الْمَدْيُونِ مِنْ الْكُرِّ فِي يَدِ أَخِيهِ حَتَّى يَبِيعَهُ الْقَاضِي أَوْ يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ.
فَإِذَا أَدَّى مَا عَلَيْهِ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ الْأُولَى، وَصَارَ الْمَالُ كُلُّهُ عَيْنًا فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالْكُرِّ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْكُرِّ وَالْآخَرُ سُدُسَ الْكُرِّ وَثُلُثَ الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ لِأَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ دُونَ ثُلُثِ الْمَالِ فَيَجِبُ تَنْفِيذُهُمَا، وَقِسْمَةُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَالْقِسْمَةُ فِي الْكُرِّ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ فَتَكُونُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ سَهْمَانِ لِأَنَّا نَجْعَلُ كُلَّ مِائَةٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْكُرِّ كَذَلِكَ فَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى سِتَّةٍ كَانَ الثُّلُثَانِ اثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَدْيُونِ وَيُقْسَمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ، وَبَيْنَ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الثُّلُثِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ، لِلْمُوصَى لَهُمَا سَهْمَانِ، وَلِلِابْنِ سَهْمَانِ، وَفِي الْحَاصِلِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْكُرِّ ثَلَثُمِائَةٍ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْكُرِّ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ رُبْعُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ الْكُرِّ وَالْمِائَتَيْنِ أَثْلَاثًا فَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا الرُّبْعَ الْبَاقِيَ مِنْ الْكُرِّ بِحِصَّتِهِ، وَيُسَلَّمُ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ مِقْدَارَ حَقِّهِ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ذَلِكَ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ، وَثُلُثَانِ، وَمَا بَقِيَ يَكُونُ لِلِابْنِ.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ، وَتَرَكَ امْرَأَةً وَابْنَيْنِ، وَتَرَكَ عَلَى امْرَأَتِهِ عَشَرَةً دَيْنًا، وَعَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ عَشَرَةً دَيْنًا، وَتَرَكَ سَيْفًا يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِالسَّيْفِ فَالسَّيْفُ يُقْسَمُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَالْقِسْمُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ يَزْدَادُ بِنِصْفِ الْمُوصَى لَهُ مِثْلُ نِصْفِ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ، وَنَصِيبُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوْقَ نَصِيبِهِ، وَيُضْرَبُ الْمُوصَى لَهُ فِي السَّيْفِ بِثَمَانِيَةٍ وَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ بِسَبْعَةٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ ثَمَانِيَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ، وَسَبْعَةٌ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَيُحْسَبُ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبُهَا مِمَّا عَلَيْهَا اثْنَيْنِ وَنِصْفٌ، وَتُؤَدِّي مَا بَقِيَ، وَيُحْسَبُ لِلِابْنِ الْآخَرِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَيُؤَدِّي دِرْهَمًا وَرُبْعًا يَأْخُذُ الِابْنُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَيَأْخُذُ صَاحِبُ السَّيْفِ جَمِيعَ السَّيْفِ قَالَ عِيسَى، وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ السَّيْفَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَالِابْنِ مِنْ الدَّيْنِ فَكَيْفَ يَأْخُذُ الِابْنُ مِنْ الدَّيْنِ نَصِيبَهُمَا مِنْ السَّيْفِ قَضَاءً عَمَّا لَهُ عَلَيْهِمَا، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ فِي قِسْمَةِ السَّيْفِ سِهَامَهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يُوقَفُ نَصِيبُ الْمَدْيُونِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ مَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ السَّيْفَ كُلَّهُ مَشْغُولٌ بِالْوَصِيَّةِ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِذَا خَرَجَ الدَّيْنُ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ حَقُّ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ خَاصَّةً قَبْلَ خُرُوجِ الدَّيْنِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ حَقُّ الْآخَرِينَ، وَلَكِنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَا سَبَقَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْكُرِّ، وَقَدْ قَالَ هُنَاكَ يُوقَفُ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِنْ الْكُرِّ إلَى أَنْ يَبِيعَهُ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْجَوَابَيْنِ غَلَطًا هَذَا مَا تَقَدَّمَ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ، وَمَا أَصَابَ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ فَهُوَ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مَا وَصَفْت لَك فَكَأَنَّهُ بِهَذَا اللَّفْظِ يُشِيرُ إلَى التَّوَقُّفِ، وَيُرِيدُ أَنَّ حِصَّتَهُ تُسَلَّمُ لَهُ وَحِصَّةُ الْآخَرِينَ تَكُونُ مُوَفَّقَةً فِي يَدِهِ.
وَإِذَا تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ، وَتَرَكَ عَلَى أَحَدِ امْرَأَتَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَعَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ مِائَةً، وَتَرَكَ خَادِمًا يُسَاوِي مِائَةً فَأَعْتَقَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهَا تُنَصَّفُ قِيمَتُهَا لِلْمَرْأَةِ وَالِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ تُزَادُ فِي الْوَصِيَّةِ مِثْلَ نِصْفِهِ ثَمَانِيَةٌ، وَيُطْرَحُ نَصِيبُ الْغَرِيمَيْنِ مِمَّا عَلَيْهِمَا يَبْقَى حَقُّ الْخَادِمِ فِي ثَمَانِيَةٍ، وَحَقُّ اللَّذَيْنِ لَا دَيْنَ عَلَيْهِمَا فَلِهَذَا يُسَلَّمُ لِلْخَادِمِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ ذَلِكَ الثُّمُنِ وَالِابْنُ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ، وَلَا يُوقَفُ شَيْءٌ مِمَّا يَتَعَيَّنُ لِلْغَرِيمَيْنِ هَاهُنَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْخَادِمِ السِّعَايَةُ وَالسِّعَايَةُ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ فَيَأْخُذُ اللَّذَانِ لَا دَيْنَ عَلَيْهِمَا نَصِيبَ الْآخَرِينَ مِنْ ذَلِكَ قِصَاصًا بِمَا لَهُمَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنَيْنِ رَدَّ عَلَى الْخَادِمِ مَا أَخَذَ مِنْهَا مِنْ السِّعَايَةِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ، وَتُمْسِكُ الْمَرْأَةُ الْمَدْيُونَةُ حِصَّتَهَا مِمَّا عَلَيْهَا اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا، وَتُؤَدِّي سَبْعَةً وَثَمَانِينَ وَنِصْفًا لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ مِمَّا عَلَيْهِ حِصَّتُهُ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ وَنِصْفٌ، وَيُؤَدِّي اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا إلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا دَيْنَ عَلَيْهَا فَقَدْ وَصَلَ إلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقُّهُ.
وَإِذَا تَرَكَ ابْنَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ دَيْنًا، وَتَرَكَ عَلَى رَجُلَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً فَأَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ أَدَّى أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ مَا عَلَيْهِ فَإِنَّ هَذِهِ الْمِائَةَ وَالْمِائَتَيْنِ الْعَيْنَ الَّتِي عَلَى الِاثْنَيْنِ تُجْمَعُ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ كُلُّهُ بَيْنَ الْوَارِثِينَ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَاَلَّذِي أَدَّى الْمِائَةَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ الْعَيْنِ بِأَدَاءِ أَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ مَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَصَايَا لَا تَنْفُذُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالْقِسْمَةِ أَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ الْمِائَةُ عَلَيْهِ، وَأَكْثَرُ فَيَصِيرُ مَا عَلَى الِابْنَيْنِ عَيْنًا بِهَذَا الطَّرِيقِ ثُمَّ الْمُؤَدِّي يَأْخُذُ نَصِيبَ الْغَرِيمِ الْآخَرِ بِمَا أَدَّى قَضَاءً مِمَّا عَلَيْهِ قَبْلَهُ فَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِمَّا عَلَيْهِ، وَيَثْبُتُ عَلَيْهِ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَبِقَدْرِ مَا يُجْعَلُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ يُنْتَقَصُ فِيهِ اسْتِيفَاءُ مَا عَلَيْهِ فَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا مِثْلَهُ مِمَّا بَقِيَ، وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْعَيْنِ فَلِهَذَا جَعَلْنَاهُ كُلَّهُ عَيْنًا، وَقَدْ اجْتَمَعَ فِي كُلِّ مِائَةٍ مِمَّا عَلَى الِابْنَيْنِ يَصِيرُ عَلَى سِتَّةِ أَنْصِبَاءَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَكَانَ لَهُ فِي الْحَاصِلِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ، وَلِكُلِّ غَرِيمٍ خَمْسَةٌ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ فَتَكُونُ سِهَامُ الْجُمْلَةِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ فَتُطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ سِهَامُ الْغَرِيمِ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ، وَيُقْسَمُ ثَلَثُمِائَةٍ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ، خَمْسَةً مِنْ ذَلِكَ لِلْمُؤَدِّي فِي الْمِائَةِ الَّتِي أَدَّاهَا صَاحِبُهُ، وَثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ لِلِابْنِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ سِتَّةٍ يَسْتَوْفِيه مِنْ الْمِائَةِ الْعَيْنِ، وَيُحْسَبُ لِلِابْنَيْنِ مَا عَلَيْهِمَا بِنَصِيبِهِمَا، وَيَأْخُذَانِ مَا بَقِيَ، وَيُؤَدِّي الَّذِي عَلَيْهِ الْمِائَةُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْمِائَةِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ فَيَسْتَوْفِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً وَتَرَكَ خَادِمًا يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَعَلَى رَجُلٍ مِائَةٌ فَأَوْصَى لِلرَّجُلِ بِمَا عَلَيْهِ، وَأَوْصَى بِأَنْ يَعْتِقَ الْخَادِمُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ الْخَادِمِ خُمُسُهَا، وَتَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا لِلْوَرَثَةِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ لَا تَكُونُ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُخْرَى فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ الْآخَرِ نِصْفَيْنِ عَلَى سَهْمَيْنِ وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ فَوْقَ حَقِّهِ فَيَضْرِبُ الْخَادِمُ فِيهِ بِسَهْمِهِ وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ فَلِهَذَا سَعَتْ فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ الرَّجُلُ مَا عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يُمْسِكُ مِقْدَارَ حَقِّهِ، وَهُوَ ثُلُثُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمِائَةِ وَيُؤَدِّي الثُّلُثَيْنِ فَيَدْفَعُ إلَى الْخَادِمِ مِنْ ذَلِكَ تَمَامَ الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهَا، وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ، وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّ الْخَادِمَ تَسْعَى فِي عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالسِّعَايَةِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ.
وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ لَا يَضْرِبُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثُ هَاهُنَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالدَّيْنِ يُضْرَبُ بِهَذَا الْقَدْرِ وَالْخَادِمُ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ قِيمَتِهَا فَإِذَا جَعَلْت الْمِائَةَ عَلَى ثَلَاثَةٍ يَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ثُمَّ يَطْرَحُ نَصِيبُ الْغَرِيمِ ثُمَّ يَبْقَى حَقُّ الْخَادِمِ فِي سَهْمَيْنِ، وَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي عَشَرَةٍ فَلِهَذَا قَالَ إنَّهَا تَسْعَى فِي عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ يَحْسِبُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَذَلِكَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيُرَدُّ عَلَى الْخَادِمِ مِنْ ذَلِكَ إلَى تَمَامِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَذَلِكَ خُمُسُ الْمَالِ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسٍ الثُّلُثُ هُوَ خُمُسُ الْمَالِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.